محادثات كازاخستان.. ومستقبل الملف
النووي الإيراني
في الوقت الذي أشاد فيه كل من وزير الخارجية الأمريكية جون كيري وسعيد جليلي
رئيس الوفد الإيراني وعلي أكبر صالحي وزير خارجية إيران بالجولة الجديدة من المفاوضات
بين إيران ومجموعة (1+5) في كازاخستان ووصفوها بأنها جولة إيجابية من المفاوضات.
واعتبار المراقبين أن ما حدث يبعث برسالة مفاداها أن كلا الجانبين قد خطا
خطوة صغيرة ولكنها قد تكون بداية لحدوث انفراجة في الأزمة النووية الإيرانية, فإن التساؤلات
مازالت قائمة حول فرص نجاح أو تكرار هذه المحادثات مستقبلا, خاصة وأن إسرائيل كعادتها
مازالت تواصل استباق الأحداث وتصر علي أن أي نتائج لأي محادثات لن يتم تنفيذها علي
أرض الواقع.
وهنا يشير المراقبون إلي أنه من خلال تحليل المواقف الإيرانية الأمريكية علي
حد سواء فإنه من المحتمل أن يحدث اتفاق بين كلا الجانبين إذا ما منحت أمريكا إيران
الحق في تخصيب اليورانيوم ولكن بعد أن تقوم إيران بتخفيض الكمية المخصبة وتكثيف المراقبة
علي منشآتها النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وموافقة إيران علي تخزين
اليورانيوم المخصب خارج أرضها, وأن إيران من ناحيتها بعثت برسالة مفادها أنها ستكون
إيجابية حينما تجري المفاوضات علي أساس الاحترام المتبادل بعيدًا عن أي تهديدات أو
ضغوطات أو عقوبات.
وهنا فإن السؤال الذي يتبادر إلي الذهن هو، هل تريد إيران بالفعل إنجاح المفاوضات
بينها وبين الدول الغربية؟ خصوصا بعد أن نجحت العقوبات الاقتصادية في إنهاك الاقتصاد
الإيراني وتكبيده خسائر فادحة أثقلت كاهل الشعب الإيراني وهو ما قد يهدد وجود النظام
الإيراني الحالي في الحكم في حالة قيام ثورة وهو احتمال يؤكده تصريحات بعض المسئولين
الإيرانيين, أم أن كل ما يحدث هو مجرد خطة محكمة معدة سلفا تعمل إيران من خلالها علي
التلويح بقبول المفاوضات تارة ثم رفضها تارة أخري بدعوي انتهاكها للسيادة الإيرانية
بغرض كسب المزيد من الوقت حتى إنتاج القنبلة النووية في ظل تأكدها من أن الولايات المتحدة
في عهد أوباما لن تتدخل عسكريا ولن توجه أي ضربة عسكرية إلي إيران.
هناك ملمح آخر يجب الإشارة إليه هو أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية ستعقد
في يونيو القادم, وأن الفترة الرئاسية الحالية هي آخر فترة للرئيس الإيراني, ومن ثم
فإن قدوم حكومة إيرانية جديدة قد يكون لها رؤى ووجهات نظر مختلفة عن سابقتها وهو ما
يستدعي بالضرورة عقد جولة جديدة من المفاوضات وكسب أكبر فترة ممكنة من الوقت حتى الحصول
علي قنبلة نووية.
لا شك أن كلا السيناريوهين له ما يبرره ويؤكده في سلوك الدبلوماسية الإيرانية
في الفترة الأخيرة حيث نجحت إلي حد كبير في تحقيق هذا ونجحت بامتياز في استخدام عامل
الوقت وليس أدل على هذا من أن كل المفاوضات تخرج باتفاق علي عقد جولة جديدة من المفاوضات
كما حدث في كازاخستان حيث اتفق الطرفان علي عقد جولة جديدة من المفاوضات في اسطنبول
يليها جولة من المفاوضات في كازاخستان دون التوصل إلي اتفاق يلزم إيران. إذن فإن نجاح
المفاوضات من عدمها يتوقف علي صدق النوايا الإيرانية وعلي مدي القدرة الفعلية التي
يتمتع بها الاقتصاد الإيراني في الوقت الراهن وقدرته علي الصمود.
مصطفي عبد الله - صحيفة الأهرام
0 التعليقات:
إرسال تعليق