الهند: الفساد يلتهم نصف طعام ربع جياع العالم
تكثفت في الآونة الأخيرة في الهند موجة الشكوك القوية بشأن الإمكانيات الفعلية
لتنفيذ مشروع قانون جديد يهدف لتوفير الغذاء المدعوم لمجموع 810 ملايين شخص من خلال
نظام التوزيع التابع للدولة والمعروف بفساده الواسع النطاق، حيث يضارب التجار بأكثر
50 في المائة من الأغذية الموزعة.
ويتأهب البرلمان الهندي الآن لمناقشة مشروع القانون الوطني للأمن الغذائي في
جلسة تعقد خصيصا لهذه الغاية، ذكر نواب المعارضة أنهم لن يعيقوا مسار اعتماده. لكنهم
وجهوا انتقادات حادة بشأن تكلفته -وتقدر بنحو 23 مليار دولار سنويا- التي تهدف، من
وجهة نظرها، إلي تحقيق مساعي قيادة حزب "المؤتمر التحالف التقدمى المتحد"
لكسب شعبية رخيصة في عام الانتخابات.
ويشمل منتقدو مشروع القانون كل من أعضاء "حزب بهاراتيا جاناتا" اليميني،
والأحزاب الشيوعية الهندية المتكتلة في "جبهة اليسار" التي تطالب بأن تشمل
المبادرة كافة أهالي الهند البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة.
وصرح "دي. رجا" -الأمين الوطني للحزب الشيوعي الهندي- "نريد
إدخال تعديلات على مشروع القانون لضمان القضاء علي التسرب من خلال إنشاء فئات وهمية
من الناس مثل أولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين يعيشون فوقه".
وأضاف "رجا" لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه "في حين تحتاج الهند
بالتأكيد لقانون الأمن الغذائي، فإن تنفيذه من خلال نظام التوزيع العام الحالي لن يوفر
سوي المزيد من الفرص للتجار والمسئولين الفاسدين لشفط المال العام من نظام توزيع مختل
وظيفيا".
في هذا الشأن، أفادت تقارير حكومية أن 50 في المائة، على الأقل، من الحبوب الموزعة
من خلال نظام التوزيع العام -المكون أساسًا من شبكة من 50،000 محلات "سعر عادل"-
يحشره التجار إما لبيع نفس الحبوب في السوق المفتوحة وبأرباح عالية، أو لتصديرها إلي
الخارج.
كذلك فقد تم إلقاء القبض علي تجار يبيعون الحبوب المدعومة لوكلاء المشتريات
الحكوميين، بالتواطؤ مع المسئولين الفاسدين في مؤسسة الأغذية التي تديرها الدولة في
الهند.
فعلق "رجا" علي هذا قائلا، "ما نحتاجه هو تعزيز نظام التوزيع
العام القائم، وهو الذي اكتسب سمعة سيئة للغاية علي ضوء "تسربات" الأغذية
العامة التي تتسبب في حرمان الفقراء من الحصول على الغذاء، علي عكس الغرض الذي وضع
من أجله".
ويهدف مشروع القانون الجديد إلى تصحيح هذا الوضع من خلال توزيع نحو 50 مليون
طن من الحبوب علي 360 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وبما يعادل حوالي 10 في المائة
من الأسعار السائدة في الأسواق.
وعن الوضع الغذائي في الهند، يشار إلي أن 43.5 في المائة من الأطفال دون سن
الخامسة يعانون من نقص الوزن، مما يضع هذا العملاق الآسيوي في المركز 65 علي قائمة
79 دولة شملها "فهرس الجوع العالمي" من إعداد "المعهد الدولي لبحوث
سياسيات الغذاء" ومقره واشنطن.
وعلي مدي الفترة من عام 2005 إلى عام 2010، جاء ترتيب الهند بعد أثيوبيا والنيجر
ونيبال وبنغلاديش.
ووفقا للبنك الدولي، يعيش 32.7 في المائة من المواطنين في الهند تحت خط الفقر
الدولي، أي بأقل من 1.25 دولار في اليوم، بينما يعيش 68.7 في المائة من سكان البلاد
على أقل من دولارين في اليوم.
ويذكر أن "لجنة التخطيط" الهندية تضع "خط الفقر" في مستوي
أدني بكثير من المستوى الدولي، فتقدره بمجرد 28.65 روبية (حوالي خمسة سنتات من الدولار)
كمعدل للاستهلاك اليومي للفرد في المدن، و22.42 روبية (أربعة سنتات) في المناطق الريفية.
وتزامن هذه التقرير مع انعقاد مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة في الفترة
15-22 يونيو الجاري في روما.
0 التعليقات:
إرسال تعليق