وسط مخاوف متنامية بين أهالي باكستان
طالبان تتأهب لاستلام المسؤولية من أميركا
بقلم أشفق يوسف زاي
بينما تستعد القوات الدولية لمغادرة أفغانستان بحلول نهاية عام 2014 وتقوم إيساف-
الناتو (القوة الدولية للمساعدة الأمنية) بإعداد قوات الأمن الوطنية الأفغانية لاستلام
الأمور منها، تتصاعد المخاوف في باكستان -وخاصة في المناطق المجاورة للمناطق القبلية
المدارة فيدرالياً والمقاطعة الشمالية الغربية من خيبر بختون خوا- من التعرض لمزيد
من الهجمات العسكرية.
فالأهالي في بيشاور يخشون من أن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان سيعزز
القوات المسلحة الناشطة علي أرض بلادهم، وخصوصا حركة طالبان الباكستانية. فمقر الحركة
الرئيسي يقع جنوب وزيرستان، وهدفها المعلن هو إقامة الشريعة الإسلامية في البلاد.
ومنذ ظهورها عام 2007 ، أطلقت هذه الحركة العنان لعهد من الإرهاب بالقنابل والهجمات
الانتحارية ضد الدولة الباكستانية ووكالات المخابرات والأهداف المدنية.
وجاء وميض أمل ضعيف عندما قاد نواز شريف مجموعة باكستان الإسلامية ووصل إلى
السلطة في مايو من هذا العام، وأعرب عن رغبة قوية في تحقيق السلام مع المتشددين. وكان
مؤتمر لجميع الأطراف، عقد في 9 سبتمبر، قد أعطى الحكومة الاتحادية الولاية لبدء مثل
هذه المحادثات. وكعلامة على حسن النية، قامت الحكومة بالإفراج عن بعض السجناء.
وعلى مستوى المقاطعات، أثار عمران خان -لاعب الكريكيت الذي تحول إلى السياسة-
صخبا متواصلا حول المحادثات مع طالبان، إلا أن لهجته تصاعدت بعد أن شكل حزبه
-"تحريك الإنصاف"- الحكومة في خيبر بختون خوا في مايو.
وقال خان في مقابلة مع وكالة إنتر بريس سيرفس: "يجب أن تكون هناك نهاية
كاملة لحرب الإنسان ضد نفسه... ويجب أن نخرج من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة
ضد طالبان".
كانت باكستان دولة مواجهة في الحرب الأمريكية على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر
2001. وبدأت هذه الحرب في ذلك العام بالإطاحة بنظام طالبان في العاصمة الأفغانية كابول،
مما اضطر العديد من قيادات طالبان وتنظيم القاعدة للتسرب على طول الحدود البالغة
2400 كيلومتراً والتي يسهل اختراقها داخل المنطقة الجبلية الغربية من باكستان.
ويقدر أن حوالي 50ألف شخصا لقوا مصرعهم في الهجمات الإرهابية والعمليات العسكرية
منذ عام 2001، وفقا لتقرير وكالات الاستخبارات الباكستانية الذي رفعته للمحكمة العليا
في البلاد في شهر مارس هذا العام.
وتم إلقاء اللوم على العمليات العسكرية واسعة النطاق في المناطق القبلية بشأن
الوضع الحالي، وقال عمران خان إنها أدت لخلق المزيد من الإرهابيين.
ووفقا لمصادر عسكرية، فقد نشرت باكستان 100 ألف جنديا في المناطق القبلية، وأجرت
أكثر من 100 عملية عسكرية منذ عام 2001.
وشرح خان، "لقد أرسلنا الجيش إلى جميع المناطق السبع من المناطق القبلية،
لكن العنف زاد ومازالت طالبان نشطة وأوامرها تنفذ بسرعة في حين أن أوامر الحكومة غير
مرئية".
لكن البعض يختلف في رؤية طالبان الباكستانية. فسهيل شاه -الطالب في العلاقات الدولية بجامعة بيشاور- يرى المسألة بشكل مختلف: لقد انتهكت طالبان أربعة اتفاقات للسلام في الماضي.. ولا يزالوا يواصلون ذلك الآن.. فهم يتحدثون عن السلام من جهة، لكن حوادث العنف تتصاعد من جهة أخرى".
وبالفعل وقع هجومان انتحاريان على كنيسة جميع القديسين في خيبر بختون خوا بيشاور
في 22 سبتمبر، تلاهما هجوم بقنبلة على حافلة ركاب على طريق تشارسادا في المدينة بعد
خمسة أيام، وانفجار لسيارة مفخخة في سوق قيصاخواني في 29 سبتمبر، مما يقضي علي أي فكرة
بأن المتشددين يريدون صنع السلام .
ويوم 16 أكتوبر، اغتيل وزير قانون المحافظات إسراء الله جاندابور في هجوم انتحاري
خارج منزله بقرية جولاشي من ديرا إسماعيل خان خيبر بختون خوا .
وقال سهيل شاه إن هذه العمليات تبين فقط أن طالبان الباكستانية يريد التعامل
مع الحكومة من موقف قوة.
أما المتحدث باسم طالبان الباكستانية، شهيد الله شاهيد، فقد صرح لوسائل الإعلام
إن الحكومة ليست جادة بشأن المحادثات. وقال: سنجري محادثات مع الحكومة تماشيا مع جدول
أعمالنا للشريعة الإسلامية. وإذا لم تبد الحكومة استعدادا، فسوف نواصل كفاحنا لتطبيقه.
وبدوره، قال صغير أحمد -الأستاذ في جامعة عبد الولي خان في ماردان وهي مدينة
في وسط خيبر بختون خوا- لوكالة إنتر بريس سيرفس: إن طالبان يجرون أقدامهم بشأن حوار
السلام.
وأكد أنهم يضيعون الوقت حتى تغادر القوات الأجنبية أفغانستان. وأضاف أنهم يعتقدون
أن رفاقهم سوف يتسلمون السلطة من الحكام المحاصرين.
في الواقع، حسبما قال شاهيد لوسائل الإعلام، إن جميع القادة الموالين للولايات
المتحدة سوف يفرون من أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي. وقال
أيضا إن طالبان الأفغانية لا تزال تحكم نصف البلاد. وأضاف: الرئيس الأفغاني لا يمكنه
ترك القصر الرئاسي بسبب الخوف من طالبان.
أما الرائد خالد خان -الذي شارك في العمليات العسكرية في المناطق القبلية حتى
تقاعده في مايو- فيشكك أيضا في أن طالبان الباكستانية سيصعب التعامل معها بمجرد أن
يتم ترك أفغانستان.
وقال لوكالة إنتر بريس سيرفس: على الأغلب سينفذون عمليات إعدام علنية، كما فعلوا
في أفغانستان وسوات. وأوضح خالد خان أنه لا تنقصهم الأسلحة والذخيرة، بقوله: هناك ما
لا يقل عن اثني عشر مصنعاً للأسلحة في المناطق القبلية تستخدم لتزويد طالبان بالأسلحة.
وأضاف إن المناطق التي توجد فيها هذه المصانع- في شمال وزيرستان وكالة خيبر-
هي أيضا تحت نفوذ طالبان الباكستانية .
وقبل 10 أيام فقط من سلسلة الهجمات في بيشاور، كانت الشرطة تسترجع كمية ضخمة
من الأسلحة التي يجري نقلها من المناطق القبلية إلى بيشاور، وفقا لتقارير إخبارية
.
وقال الرائد خان: الناس يريدون لا الجيش ولا طالبان في المناطق القبلية، إنهم
يريدون السلام. وأضاف أن العنف واستمرار حظر التجول أدى لاضطرابهم.
ومن جانبه، قال محمد شاه -من شمال وزيرستان والمحاضر في كلية حكومية في منطقة
بانو خيبر بختون خوا- لوكالة إنتر بريس سيرفس: ليس هناك أنشطة اجتماعية أو ألعاب. فقبل
التشدد كانت الحفلات الموسيقية تعقد تقليديا قبل الزواج.
أما شاه نواز خان -صاحب متجر في جنوب وزيرستان- فقد قال لوكالة إنتر بريس سيرفس:
الشركات قد عانت أيضا. فقد عانينا باستمرار من التشدد و تضاءلت أعمالنا على مر السنين،
فقد هاجر عدد كبير من الناس إلى مناطق أكثر أمناً مما أدى لانخفاض أعداد عملائنا.
وكالة إنتر بريس سيرفس
0 التعليقات:
إرسال تعليق