حدث في شهر ربيع الأول: وفاة السلطان محمد الفاتح

منذ عهد معاوية بن أبى سفيان قام الكثير بمحاولات فتح القسطنطينية ليكون صاحب البشارة النبوية التي بشر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله :" لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش" (رواه الحاكم والإمام أحمد) بإسناد صحيح ، فمن هو صاحب تلك البشارة؟.. إنه "محمد الفاتح" ابن السلطان العثماني "مراد الثاني".

كان الشيخ "آق شمس الدين"- واحدًا ممن قام على تربية "محمد الفاتح" وتعليمه -في بث روح الجهاد والتطلع إلى معالي الأمور في نفس الأمير الصغير، وأن يلمح له بأنه المقصود ببشارة النبي – صلى الله عليه وسلم- .. وكان لهذا الإيحاء دور كبير في حياة "محمد الفاتح" فنشأ محبًّا للجهاد، عالي الهمة والطموح، واسع الثقافة، وعلى معرفة هائلة بفنون الحرب والقتال.

حقق "محمد الفاتح" هذا الإنجاز الكبير وهو في الثالثة والعشرين من عمره ، ولم يقف عند هذا الحد بل تابع مسيرة الانتصارات فحقق الله على يديه العديد بعدها ، فاتجه "محمد الفاتح" إلى استكمال فتوحاته في بلاد "البلقان"، فتمكن من فتح بلاد "الصرب" و"المورة" و"رومانيا" و"ألبانيا" وبلاد "البوسنة والهرسك".

ثم تطلعت أنظاره إلى أن يكون إمبراطورًا على "روما" وأن يجمع فخارًا جديدًا إلى جانب فتحه "القسطنطينية"
ولكي يحقق هذا الأمل الكبير كان عليه أن يفتح "إيطاليا" ، فاستعد لذلك وجهز أسطولاً عظيمًا، ونجح في إنزال قواته وأعداد كبيرة من مدافعه بالقرب من مدينة "أوترانت" الإيطالية، وتمكن من الاستيلاء على قلعتها، وذلك في (جمادى الأولى 885 ﻫ = يوليو 1480م) .

وعزم "محمد الفاتح" على أن يتخذ من مدينة "أوترانت" قاعدة يزحف منها شمالاً حتى يصل إلى "روما" ، وفزع العالم الأوروبي من هذه المحاولة ، وانتظر سقوط مدينة "روما" العريقة في يد "الفاتح"، لكن الموت هاجمه فجأة وهو يستعد لتحقيق هذا الحلم في (4 من ربيع الأول 886 ه = 3 من مايو 1481م)، وابتهجت أوروبا كلها بعد سماعها نبأ الوفاة، وأمر بابا "روما" أن تقام صلاة الشكر في الكنائس ابتهاجًا بهذا النبأ، له قبر معروف بجوار المسجد المسمى باسمه وبالحي الحي المسمى باسمه أيضا وسط مدينة استنبول.

كان "محمد الفاتح" مسلمًا ملتزمًا بأحكام الشريعة الإسلامية، ورجلاً صالحًا بفضل نشأته التي أثرت فيه تأثيرًا عظيمًا، أما سلوكه العسكري فكان سلوكًا متحضرًا لم تشهده أوروبا في عصورها الوسطى.

وقد حقق "الفاتح" أعظم إنجازاته بفتح مدينة "القسطنطينية" العريقة بفضل طموحه القوى الذي زرعه فيه أساتذته، والإيحاء له بأنه البطل الذي ستفتح على يديه "القسطنطينية" .

وسعى "الفاتح" إلى تحقيق أحلامه بالسعي الجاد والعمل المستمر والتخطيط المنظم، فقبل أن يحاصر "القسطنطينية" استعد لذلك بصب المدافع وإنشاء الأساطيل والاستفادة من كل الإمكانيات التي تساعده في النصر. وقرر اتخاذ "القسطنطينية" عاصمة لدولته، وأطلق عليها اسم "إسلام بول" أي دار الإسلام، ثم حرفت بعد ذلك واشتهرت بإستانبول .


بالطموح العالي، والعزيمة والإصرار، والسعي إلى الهدف، نجح "الفاتح" في جعل الحلم حقيقة، والأمنية واقعًا، وأن يكون واحدًا من أبطال الإسلام والفاتحين الكبار.

0 التعليقات:

إرسال تعليق