باكستان الشريك السعودي القوي في معادلة التوازنات العالمية

تنفرد العلاقات السعودية - الباكستانية بكونها تمثل علاقات بين بلدين إسلاميين يمتلك أحدهما سلاحاً نووياً، فيما الآخر يمتلك «النفط» الذي يعد من أقوى الأسلحة الاقتصادية في العالم. وعكست الزيارة التي قام بها في 1999 وزير الدفاع السعودي آنذاك الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله الموقع الباكستاني، الذي جرت فيه عمليات التخصيب بالطرد المركزي غير الخاضعة للضمانات في كاهوتا خارج إسلام أباد، كأول مسئول أجنبي يزور المفاعلات الباكستانية، ويطلع على خطوات تصنيع أول سلاح نووي تمتلكه دولة إسلامية على مر التاريخ، أهمية هذه العلاقات وقوتها على الصعد كافة.

الأمر ذاته أعاد تأكيده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال لقائه في الثالث من فبراير الجاري، رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية الفريق أول ركن رشيد محمود نشان امتياز، وتشديده على «عمق العلاقات القائمة بين البلدين»، وتوجيهه وزير الدفاع رئيس الديوان مستشاره الخاص الأمير محمد بن سلمان، بمنح امتياز وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة كأول وسام يقرر الملك سلمان بن عبدالعزيز، منحه لمسئول دولي بعد توليه مقاليد الحكم في السعودية.باكستان وإن كانت تضع برنامجها النووي فوق أي خلافات حزبية، تعتبر السعودية ركناً رئيساً في مواجهاتها الدولية، وهو ما أثبتته المملكة حين واجهت العالم برفضها فرض عقوبات على إسلام آباد في 1998 بسبب برنامج الأخيرة النووي، بل إنها دعمت اقتصاد باكستان ببليوني دولار لمساندتها في مواجهة الضغوط الدولية لوقف برنامجها النووي آنذاك.

الباحث الأميركي في الشؤون الخليجية سايمون هندرسون، شدد في تقرير نشره في الثالث من فبراير الجاري، على أهمية العلاقات السعودية - الباكستانية في حفظ التوازنات العالمية، وقال إن «رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف، كان ضيف شرف عندما استعرضت السعودية علناً صواريخها الصينية من طراز CSS-2 للمرة الأولى، منذ تسليمها في ثمانينات القرن الماضي، التي شكلت في مرحلة ما العنصر الرئيس لقوة الصين النووية»، مشيراً إلى أن هذا الحضور يؤكد تفرد التعاون العسكري السعودي - الباكستاني، وتوظيف الرياض لهذه العلاقات في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي.

حضور المسئول العسكري الباكستاني العرض العسكري السعودي إبان تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مسؤولية وزارة الدفاع في المملكة، ولم تكن الزيارة الأولى في المرحلة الأخيرة من العلاقات بين البلدين، بل زار المملكة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في 23 يناير الماضي للمشاركة في جنازة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، كما أنه زار المملكة في التاسع من الشهر ذاته للاطمئنان على صحته قبل أن يتوفاه الله، وفي كلتا الزيارتين كان العنوان الأبرز هو تأكيد القيادة في البلدين على أهمية وعمق العلاقات بين الرياض وإسلام أباد.

هندرسون أوضح في تقريره أن «زيارة الجنرال رشيد إلى السعودية بعد يوم من إعلان باكستان إجراء اختبار ناجح على صاروخ كروز يُطلق من الجو باسم رعد ومداه 220 ميلاً، يُقال إنه قادر على حمل رؤوس حربية نووية وتقليدية بدقة بالغة، يشير إلى أهمية التعاون القائم بين البلدين». وقال المحلل الأميركي إن «الملك سلمان بن عبدالعزيز، أعلن في أول اجتماع لمجلس الوزراء كرئيس للحكومة في الثاني من فبراير الجاري، بأنه لن يكون هناك أي تغيير في السياسة الخارجية السعودية»، مضيفاً أن «الاجتماعات رفيعة المستوى التي عُقدت مع الوفد العسكري الباكستاني في الثالث من فبراير أكدت وبشدة هذا الإعلان».

… الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنوّه ب«الالتزام السعودي»
لم تتخل الرياض عن التزامها التام ببنود معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي صادقت عليها في 1988، وبحسب أحدث تقارير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، والمعروف ب«تقرير تنفيذ الضمانات» فإن المملكة أدرجت على قائمة الدول التي «لا يوجد بها أي انحراف واضح عن الأنشطة السلمية للمواد النووية». وكانت السعودية أصدرت في 2009 مرسوماً ملكياً يشدد على أن «تطوير الطاقة الذرية في السعودية يعد أمراً أساسياً لتلبية المتطلبات المتزايدة للمملكة، للحصول على الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة وتقليل الاعتماد على استهلاك الموارد الهيدروكربونية».


كما أعلنت في 2011 «خططاً لإنشاء 16 مفاعلاً للطاقة النووية على مدى الأعوام ال20 المقبلة بكلفة تبلغ أكثر من 80 بليون دولار، لتوليد ما نحو 20 في المائة من الكهرباء في السعودية، إضافة إلى تخصيص مفاعلات أخرى أصغر حجماً وطاقة لتحلية المياه»، وهو توجه «يوفر الطاقة الكهربائية المنتجة بواسطة الطاقة النووية محلياً، ما يسمح بتصدير المزيد من النفط والغاز الطبيعي إلى الخارج، ويسهم في عائدات الصادرات والإيرادات الحكومية».

0 التعليقات:

إرسال تعليق