الزعفران.. ذهب كشمير المهدد بالزحف العقاري
يحظى الزعفران بتقدير كبير في جميع أنحاء العالم، وبدأت
زراعته في القرن السادس عشر، وهي زراعة ليست سهلة حيث أنها تتطلب مناخا معينا وأرضا
بمواصفات خاصة. ويستمر الزعفران بالنموّ حتى مايو ونوفمبر، ثم بعد ذلك يبدأ موسم الحصاد
واستخراج الزهور الصغيرة والنادرة وتجفيفها في الشمس.
بدأت زراعة الزعفران قبل نحو 3000 عام في إقليم كشمير
وانتقلت إلى بلاد فارس، وهو من التوابل النادرة التي تباع كما الذهب وبعض المعادن الثمينة.
وتشتهر منطقة بامبر في شمال كشمير بإنتاجها الوفير
للزعفران والذي يعتبر من أغلى التوابل في العالم. وجرت العادة في بامبر أن يقوم المزارعون
الكشميريون بجني زهور الزعفران بأنفسهم وبطرق تقليدية كالقطف بالأيدي للحفاظ على جودة
الإنتاج. لكن إنتاج الزعفران في المنطقة تراجع في السنوات الأخيرة بسبب درجات الحرارة
المتفاوتة وهطول الأمطار بصفة غير منتظمة. إضافة إلى المنافسة المتزايدة من بعض البلدان
المنتجة للزعفران كأسبانيا وإيران.
محمد أكرم، أحد مزارعي الزعفران في كشمير وهو ينحدر
من عائلة توارثت هذه المهنة أبا عن جد، لم يخف قلقه حول تردي مستوى إنتاج الزعفران
في السنوات الأخيرة وحول مستقبل هذا القطاع.
ويقول محمد: “كان آباؤنا وأجدادنا يجمعون الزعفران
في أكياس كبيرة. لكن الآن تضاءل الإنتاج وصرنا نجمع الزعفران في أكياس صغيرة، مما دفع
بالعديد من الفلاحين إلى بيع أراضيهم. وأطفالنا يعتبرون أن حقول الزعفران لم تعد مربحة
ومن الأفضل بيعها والاستثمار في مجالات أخرى”.
ويرى المزارعون أن أزمة الزعفران تعود إلى عدة أسباب
منها عدم توفر مرافق للري وكذلك تطور النشاط العقاري في مناطق محاذية لحقول الزعفران،
حيث أغرت الشركات العقارية عددا من أصحاب حقول الزعفران بمبالغ مالية هامة مقابل شراء
أراضيهم واستغلالها لبناء أحياء سكنية. وتظهر الأرقام الرسمية أن المساحات المزروعة
انخفضت بحوالي 2000 هكتار فيما تقلصت الإنتاجية بمعدل نصف كيلوغرام على الهكتار الواحد
في السنوات القليلة الماضية. ومن جهتها تشعر الحكومة بالقلق إزاء هذا الانخفاض وقررت
بعث مشروع وطني سنة 2010 لتعزيز الإنتاجية والرفع من مستوى محاصيل الزعفران.
ويقول فردوس نهفي باحث مختص في هذه المادة إن الزعفران
شهد انخفاضا في الإنتاج والإنتاجية ولهذا السبب قررت السلطات الوطنية إعادة إحياء هذا
القطاع بالاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، حيث تمت عصرنة طرق الإنتاج في أكثر من
1700 هكتار”. وسيعالج هذا المشروع التقنيات التقليدية التي يعتمدها المزارعون وغياب
التأطير اللازم كما سيطال كذلك البحوث ودعم عملية التسويق.
ويأمل فردوس في أن “يتحسن إنتاج الزعفران في كشمير
وأن يتوصل المزارعون إلى إنتاج حوالي 18 طنا متريّا سنة 2016.
ويضيف: “أنا واثق أننا قادرون على ذلك فهي أزمة لم
نعش مثلها من قبل”.
وزعفران كشمير يستخدم على نطاق واسع في عديد المأكولات
والأطباق العالمية. كما يعتمد في الكثير من الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل. له
رائحة مميزة ويستعمل كثيرا في الأعياد المحلية ليصبح جزءا لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد
الكشميرية.
ويعتبر الزعفران من أغلى التوابل في العالم، فللحصول
على كيلو غرام واحد من الزعفران الخالص يجب أن تنمو حوالي 170000 نبتة. وتبيع الشركات
المصنعة له الكيلوغرام الواحد بما يعادل 3500 دولار.
0 التعليقات:
إرسال تعليق