رئيسا البلدين يتفقان على
تعزيز العلاقات في شتى المجالات
الصين وباكستان شراكة إستراتيجية.. وموقف واحد من الهند
"باكستان هي إسرائيل
الصين" تعبير يعني أن باكستان بالنسبة للصين، كإسرائيل بالنسبة للولايات
المتحدة الأمريكية، فعلاقات إسلام أباد وبكين علاقات حميمة، يجمع بينهما العلاقات
المتوترة مع نيودلهي، فكلا البلدين على المحك في العلاقة مع الهند، وكلا البلدين
دخل في حرب معها.
وأمام هذا التطابق والتوافق
في علاقة البلدين بالهند، كان لابد أن تكون علاقات الصين وباكستان علاقات مميزة.
وجاءت زيارة الرئيس
الباكستاني ممنون حسين للصين في هذا الإطار الودي، حيث رفع البلدين سقف التبادل
التجاري بينهما إلى 12 مليار دولار، واتفق البلدان على توطيد المزيد من العلاقات الثنائية
في شتى المجالات، فقامتا بالتوقيع على اتفاقيات لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، جاء
ذلك في الاجتماع الذي جرى، اليوم الأربعاء، بين ممنون حسين ونظيره الصيني "شي
جين بينغ" في العاصمة الصينية بكين، وناقش الزعيمان خلال الاجتماع العلاقات الصينية
- الباكستانية وسبل تنميتها إضافة إلى القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك،
وركز رئيسا البلدين على الممر الاقتصادي الباكستاني - الصيني وتعزيز الاتصال وتوطيد
الروابط التجارية والاقتصادية والاستثمارية، واتفقا على تعزيز المزيد من التعاون الثنائي
في مجالات الطاقة والتجارة والدفاع والبنية التحتية والاستثمار.
الممر الاقتصادي
وقال الرئيس الباكستاني إن مشروع
الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني المقترح سيساعد في خلق فرص العمل وزيادة الأنشطة
التجارية والاقتصادية في المنطقة، كما أنه سيفتح آفاق جديدة للتقدم والرخاء لشعبي البلدين،
وأشاد ممنون حسين بالدعم الذي تقدمه الصين للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في باكستان،
ووجه الدعوة إلى نظيره الصيني لزيارة باكستان، وعقب الاجتماع شهد الرئيس ممنون والرئيس
"شي جينبينغ" مراسم حفل التوقيع على الاتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي بين
باكستان والصين في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والاتصال الإقليمي.
في لقاءه مع "زانغ ديجيانغ"
رئيس اللجنة القائمة في الكونغرس الشعبي الوطني الصيني في بكين اليوم، قال ممنون حسين
إن العلاقات الصينية - الباكستانية مبنية على أساس الاحترام والثقة الثنائية، وأكد
أن الصداقة مع الصين حجر الزاوية لسياسة باكستان الخارجية والأمنية، من جانبه أكد
"زانغ ديجيانغ" بأن بلاده تولى اهتماما بالغا لزيارة الرئيس الباكستاني للصين،
معربا عن أمله بأن الزيارة ستعطي دفعة جديدة للعلاقات والصداقة الصينية - الباكستانية،
هذا وأكد الطرفان على ضرورة تنفيذ مشروع الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني ومشاريع
الاتصال الأخرى في أقرب وقت ممكن الذي من شأنه المساهمة في تعميق الروابط التجارية
والاقتصادية بين البلدين، وأعرب الجانبان عن أملهما بأن الروابط الودية بين باكستان
والصين ستنمو بمرور الوقت.
مشاريع كبرى
والصين شديدة الاهتمام في العلاقات
التي تربطها بباكستان، ودائما ما تبدي استعدادها الكامل لمساعدة حليفتها في التغلب
على ما تعانيه من فقر وتخلف اقتصادي؛ وذلك من خلال مشاركتها الضخمة في المشاريع الباكستانية
الكبرى، مثل ميناء "جوادار" وطريق "ميكران"، وتحديث السكك الحديدية
، فضلا عن تطوير التعاون التقني لدعم الاستخدام السلمي للطاقة النووية، حيث وقع البلدان
في إبريل 2004 اتفاقا تقوم الصين بمقتضاه ببناء قاعدة "كاشما" النووية في
باكستان بقوة 300 ميجاوات. كما ازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين في الآونة الأخيرة
من 1.8 مليار دولار عامي 2001 و2002 ليصل الى حوالي 7 مليار عام 2007 وهناك خطة مبرمجة
بين البلدين للوصول به الى 15 مليار عام 2011 ، هذا إلى جانب اتفاقية التجارة التي
وقعت بين البلدين في يناير 2004، والتي سوف يتم بمقتضاها إزالة الجمارك الباكستانية
عن 200 منتج صيني، وإزالة الجمارك الصينية عن 800 منتج باكستاني.
والمؤكد هو أن تصاعد الدور الصيني
إلى العالمية لا يعني أبدا أن تتنازل عما يربطها بباكستان من أواصر خاصة الأواصر الجغرافية؛
لأن الصين محرومة جغرافيا من الوصول إلى دول آسيا الوسطى، على عكس باكستان التي يمكنها
بفضل قربها الجغرافي من تلك الدول أن تساعد الصين على الوصول إليها تجاريا، أي يمكن
لباكستان أن تكون همزة الوصل في ايصال المنتجات الصينية إلى دول وسط وغرب آسيا. فعبر
ميناء "جوادار" الباكستاني الذي تحت الإنشاء وأيضا عبر الطريق السريع
"كاراكوروم" الذي يربط بين غربي الصين وشمال شرق باكستان، ستتمكن الصين من
توصيل منتجاتها وبضائعها إلى دول آسيوية كثيرة؛ وهو ما سيعود بالثراء على الحليفين
معا.
ومع تطور الوقائع والحقائق الجيو-اقتصادية،
وحضور السوق الحرة بقوة على الساحة الاقتصادية، واستفحال العولمة والمنظمات الإقليمية،
تحول الحليفان إلى انتهاج الدبلوماسية الاقتصادية كأفضل بديل لمواكبة ذلك التطور. فاتجهت
باكستان إلى تنمية علاقاتها بمنطقة شرق آسيا وعكست الزيارات المتعاقبة للرئيس الباكستاني
ورئيس وزرائه للمنطقة اقترابا باكستانيا للتعاون الاقتصادي مع الصين ووضعها على قائمة
الأولويات الباكستانية.
باكستان معبر لآسيا
الوسطى
عامل النفط الذي تعتمد عليه الصين
اعتمادا أساسيا في صناعتها يلعب دورا بارزا في العلاقات بين البلدين . فباكستان تتمتع
بموقع جغرافي متميز، حيث تقع على مداخل ثلاثة: اسيا الوسطى ، شرق آسيا، غرب آسيا. فمنطقة
اسيا الوسطى التي تطل على بحر القوقاز الذي يعتبر "الخليج العربي" للقرن
الحادي والعشرين، لما يحتويه من كميات لا توصف من النفط والغاز. ولكي ينقل النفط القوقازي
إلى الصين، بل وأيضا إلى الولايات المتحدة وغربي أوربا واليابان، لا بد أن يكون الطريق
التجاري آمنا، بحيث لا يتعرض إلى المرور بالأراضي الإيرانية أو الروسية. وقد تبين من
وجهة النظر الصينية والغربية واليابانية أن باكستان بوضعها الجغرافي تمثل أكثر الطرق
أمانا للقيام بتلك المهمة.
انعاش غرب الصين
وكما ستكون الصين بحاجة إلى باكستان
-للحصول على النفط القوقازي، فهي أيضا بحاجة إلى المواني الباكستانية التي سيمكنها
لعب دور خطير في إنعاش الأقاليم الغربية الصينية التي تعاني من فقر شديد؛ فعبر ربط
هذه الأقاليم بأوربا والشرق الأوسط والقارة الإفريقية -عبر المواني الباكستانية- سيبدأ
الإنعاش الاقتصادي يتسلل إلى غربي الصين؛ وهو ما سيمكن الصين من الوصول إلى "الفيل
الآسيوي" للاقتصاد العالمي، في غضون العقود القادمة. فلا وصول إلى تلك المرتبة
دون تنمية اقتصادية شاملة في ربوع الصين، غربها قبل شرقها. وهكذا نرى كيف تلعب باكستان
-بفضل موقعها الجغرافي- دورا أساسيا في إثراء وإنعاش غربي الصين.
خمس خطوات لتعزيز
العلاقات
كان الرئيس السابق للصين "هو
جين تاو"، اقترح خمس خطوات لمزيد من تعزيز العلاقات الصينية الباكستانية، تشمل
التعاون الاستراتيجى، وروابط الأعمال المربحة للجانبين، والتبادلات الثقافية والاجتماعية،
والتعاون فى الشئون الدولية، والتبادلات بين الحضارات.
وطرح الاقتراح فى خطابه الرئيسى
بعنوان "استمرار الصداقة التقليدية، وتعميق التعاون الشامل"، وذلك فى مركز
المؤتمرات فى إسلام لآباد خلال زيارة قام بها لباكستان. وقال هو "منذ بدء العلاقات
الدبلوماسية فى 1951، تمتعنا بالتفاهم المتبادل، والاحترام، والثقة والدعم، وازدهرت
صداقتنا وتعاوننا."
التعاون الاستراتيجى
أولا، نصح البلدين بتعميق التعاون الاستراتيجى، وتدعيم
الصداقة التقليدية. وقال "إن الصين وباكستان تتمتعان بصداقة تأكدت بمرور الزمن،
فى كافة الأحوال مضيفا أن هذا رصيدا مشتركا، يجب ان نعتز به، وأن نعززه بشكل مستمر.
وقال الرئيس أنه يجب على الجانبين الحفاظ على اتصالات وثيقة بين الزعماء، وتوسيع التبادلات
والتعاون بين الحكومتين، والبرلمانين، والاحزاب السياسية، والمنظمات الأهلية، والحفاظ
على التشاور الدورى والتنسيق حول القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك، من خلال آليات
ثنائية فى المجالات الإستراتيجية، والإقتصادية، والتكنولوجية، والأمنية، والدفاعية.
روابط الأعمال المربحة
للجانبين
وقال إنه مع وجود سوق يضم اجمالى
1.5 مليار نسمة، واقتصادين متكاملين، فإن كلا من الصين وباكستان تتمتعان بإمكانية ضخمة
للتعاون فى نشاط الأعمال. وأضاف أن اتفاق التجارة الحرة الموقع بين الصين وباكستان،
يؤكد نجاح المفاوضات الخاصة بإقامة منطقة تجارة حرة، مضيفا أنها ستقطع شوطا طويلا فى
تطوير روابط الأعمال الثنائية. وتعهد هو بان تواصل الصين تدعيم التعاون المربح للجانبين
مع باكستان فى المجالات الرئيسية مثل الطاقة، وتنمية الموارد، وتكنولوجيا المعلومات،
والبنية التحتية، والزراعة.
الشئون الدولية
ونصح البلدين بتقوية التعاون فى
الشئون الدولية، وتدعيم المصالح المشتركة. واعرب عن استعداد الصين مواصلة العمل مع
باكستان من اجل تدعيم اهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والمصالح الجماعية للدول النامية،وتعزيز
الديمقراطية فى العلاقات الدولية.
التبادلات بين الحضارات
واقترح هو أن يقوم الجانبان بتعزيز
التبادلات بين الحضارات من اجلتعزيز التناغم فى العالم.وقال أن العالم متنوع ومتعدد
الألوان، وأضاف أنه يجب الإعتراف بالاختلافات فى الثقافة، والتقاليد، والنظم الاجتماعية،
والقيم، وطرقالتنمية. أضاف انه يجب على المرء تجنب الإدلاء بتصريحات غير مسئولة عن
الشئون الداخلية للدول الاخرى، لمجرد الإختلافات بين الدول. وتعهد بأن تعمل الصين مع
باكستان من اجل تعزيز التناغم والتقدم بين الحضارات، وتدعم التنوع فى العالم، وفى انماط
التنمية، وبذل جهود مشتركة لبناء عالم متناغم، يتمتع بالسلام الدائم، والرخاء المشترك.
البرنامج النووي
منذ أن فجرت الهند سنة 1974 قنبلتها
النووية الأولى وباكستان تسعى بخطى حثيثة إلى السباق معها في هذا الميدان. وقد حصلت
باكستان على مساعدة الصين في مجال تطوير برنامجها النووي وتصنيع أسلحتها وصواريخها
.. فهناك تقارير تشير الى اتفاقية صينية باكستانية وقعت عام 1996 تقوم الصين بموجبها
ببيع باكستان 30 صاروخا بالستيا من بينها صواريخ من نوع M-11 التي يبلغ مداها
300 كلم بحمولة 800 كلغ. وفي عام 1997 اشترى مختبر عبد القدير خان بمدينة كهوتا
5000 دائرة مغناطيسية (ring magnets) من الصين، وتسمح هذه الدوائر
الممغنطة بتخصيب اليورانيوم الذي بواسطته تنتج الأسلحة النووية .
وخلال زيارة الرئيس الصيني لباكستان
في نوفمبر 2006 تم التوقيع على اتفاق بين الجانبين الباكستانى والصينى بشأن تعاون طويل
الاجل فى الانتاج العسكرى بما فى ذلك تطوير نظام استطلاع للانذار المبكر محمول جويا
.. ففي تقرير صدر عن سلاح الجو الباكستاني في هذا الصدد اشار الى ان ذلك يأتى بالاضافة
لتعاون قائم بالفعل بين السلاح الجوى الباكستانى وشركة الطيران الصينية /كاتيك/ فى
التطوير والانتاج المشترك لطائرات مقاتلة تعرف باسم /جيه اف18 ثاندر/ ويقول مسئولون
باكستانيون أن اسلام اباد ستحصل على أول دفعة من تلك الطائرات من الصين العام المقبل
وأن باكستان ستبدأ انتاجها اعتبارا من يناير 2008.
0 التعليقات:
إرسال تعليق