العلاقات السعودية - الهندية.. العقبات والحلول

أعرب الهنود عن مخاوفهم من أن دعم السعوديين المالي لمدارس ومنظمات دينية هندية سيعزز “التطرف” في مجتمع الهنود المسلمين “المتسامح” بحسب ما ورد في وثيقة نشرها موقع معهد الدراسات السياسية مؤخراً.
وتتحدث البرقية عن العلاقات السعودية الهندية بعد زيارة الملك عبد الله للهند عام 2006 والتي تصفها بالمزدهرة، كما تتحدث عن الثقل الاقتصادي القوي لهذه العلاقة.
وتكشف الوثيقة كذلك تراجع حدة الانتقادات التي كان يبديها السعوديون للهند على خلفية معاملتها للمسلمين الهنود والصراع الدائر بينها وبين باكستان على منطقة كشمير المتنازع عليها.
البرقية تلقي الضوء أيضاً على الصعوبات التي تواجه البلدين نحو تعزيز المزيد من الشراكة الاقتصادية بينهما، كما تلقي الضوء على التجاذبات التي حصلت بين الطرفين، على سبيل المثال فقد أحجم مصرف هندي عن فتح فرع له في مدينة جدة بعد اشتراط الحكومة السعودية توظيف السعوديين فيه.
ووفقا للقائم بالأعمال الهندي راجيف شاهار فقد ازدهرت العلاقات الهندية السعودية منذ زيارة الملك عبد الله إلى الهند عام 2006 وقد تقدمت العلاقات الاقتصادية بخطى كبيرة والهند تأمل في أن العلاقات السياسية سوف تتبع نفس الحذو في نهاية المطاف.
وتشمل النقاط العالقة بين البلدين، العقبات التي تعترض الاستثمار في الأعمال التجارية، وسوء معاملة العمال الهنود في المملكة، والاختلاف في الرأي حول إسرائيل وباكستان، ومخاوف من أن التمويل السعودي يمكن أن يعزز التطرف في المجتمع الهندي المسلم، ويمكن لعلاقة سعودية هندية أقوى، وأن تعزز المصالح الأمريكية بقدر ما تعزز الاستقرار الإقليمي في المنطقة، وأن تدعم الاستقرار السياسي، والدعوات لاستثمار مفتوح وتنمية اقتصادية أكثر.
وخلال اجتماع في 19 أغسطس مع بولوف، هلل القائم بالأعمال الهندي راجيف للتقدم الذي أحرز مؤخراً في العلاقات الثنائية بين البلدين حيث كانت زيارة الملك عبد الله في 2006 لحظة فاصلة، وقال إن الاتفاقيات التي وقعت خلال تلك الفترة بما في ذلك إعلان دلهي وفرت إطارا للتعاون المستمر.
المملكة العربية السعودية تأمل في أن تحذو حذو الهند في خلق اقتصاد قائم على المعرفة يمكن أن يوفر فرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل، في حين أن الشركات الهندية شهدت إمكانيات لتحقيق أرباح كبيرة في مساعدة السعوديين في تحقيق هذا الهدف.
من وجهٍ ذي صلة فقد أبرز وزير التجارة السعودي علي رضا هذا الهدف خلال محادثاته مع السفير إردمان يوم 9 أغسطس الماضي وأوضح أن الهند قد تزيد أهميتها لخطة المملكة العربية السعودية التي تركز على خلق اقتصاد معرفة لمدة خمس سنوات القادمة.
وتدعم الإحصائيات تقييم “شاهار” فطبقاً لمقالة في صحيفة سعودية بمناسبة اليوم الوطني للهند فقد ارتفعت التجارة السعودية الهندية إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، إلى أكثر من 23 مليار دولار في 2007-2008، وتضاعفت الاستثمارات الهندية في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات الخمس الماضية إلى أكثر من 2 مليار دولار، ويقيم ما يقرب من 1.8 مليون هندي في المملكة بزيادة 10% عن العام الماضي، والهند هي الآن خامس أكبر شريك اقتصادي للمملكة، وخامس أكبر سوق للصادرات السعودية.
وأقر “شاهار” أن العلاقات لا تزال بعيدة عن الكمال مشيرًا إلى الانفصال بين التطلعات وبين الواقع على الأرض، فالشركات الهندية لا تزال تواجه مناخ تنظيمي غير مرضي، واستشهد بطلبات السعودية في حفظ الأرصدة لدى البنوك المحلية الكبيرة، وخاصة في حال الشركات التجارية المملوكة للأجانب، وسعودة قوة العمل كعوائق لتحقيق المزيد من النمو والاستثمار. على سبيل المثال مصرف الهند الذي يأمل في فتح فرع في جدة امتنع حاليا لاشتراط أن يكون موظفيه المميزين سعوديين.
قضايا العمل والعلاج للهنود المقيمين في المملكة تظل نقطة شائكة وعلى الرغم من زيادة التركيز على التقنية في العلاقات السعودية الهندية إلا أن “شاهار” يقدر أن أكثر من 80% من الهنود العاملين في المملكة لا يزالون من العمال غير المهرة أو شبه المهرة.
والمحترفون الذين اختاروا العمل في المملكة من الصف الثاني أو الثالث وكان الاستثناء الملحوظ الوحيد، في قطاع تقنية المعلومات التي لا تزال تجتذب ذوي الكفاءة العالية من العمال الهنود في المملكة، وتساء أحيانا معاملة العمال الهنود غير المهرة من قبل أرباب العمل ويعانون من الممارسات التقييدية السعودية للعمالة الأجنبية، وكانت الحكومة الهندية في مناسبات عدة قد أعربت عن رغبتها في اتفاقية ثنائية لحماية حقوق العمال الهنود لكن السعوديون رفضوا هذا.
وفقا لـ”شاهار” فإن المملكة العربية السعودية تركز في فترة ما بعد 2008 على الاهتمامات الاقتصادية الثنائية، وبدأت الانتقادات السعودية للهند على الجبهة السياسية تقل، وقد نظر السعوديون تقليديا للهند من خلال العدسة الباكستانية وكانوا ينتقدون بشدة دور الهند في كشمير ومعاملة المسلمين الهنود، وعلى الأخص من خلال دورهم في المحافل الدولية مثل تنظيم المجتمعات الإسلامية (منظمة المؤتمر الإسلامي). ولئن كانت هذه النقطة الثنائية تشكل قرحة لا تزال قائمة فإنهم الآن إلى حد ما تجاهلوها بأدب في سبيل المزيد من التعاون الاقتصادي. ووصف “شاهار” سياسة الهند بأنها تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية إلى الحد الذي يجعلها العامل المهيمن في العلاقات السياسية، وأشار المسئول الهندي إلى أنه بينما الهند وباكستان يجتمعان في كثير من الأحيان عند مناقشة السياسة فإن باكستان ليست نظيرا حقيقياً للهند على المستوى الاقتصادي.
ويبقى السعوديون ناقدون لعلاقات الهند الجيدة مع إسرائيل، والحكومة الهندية تعتقد أنه من الضروري إعادة توضيح موقفها من صداقتها بالدولة اليهودية، “نذكرهم مراراً وتكراراً بأننا كنّا من بين الأوائل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية مع عاصمتها القدس، وهذا الالتزام الهندي تجاه القضية الفلسطينية لا يتزعزع ولا يزال قائماً ومع ذلك فإن الهند يجب أن تضع مصلحتها الوطنية أولاً، وهناك أسباب عملية ملحة لعلاقاتها مع إسرائيل، وقال “شاهار” لدينا 1.2 مليار نسمة بحاجة للطعام مشيراً إلى خبرة إسرائيل في مجال زراعة الأراضي الجافة كحافز للتعاون، وأشار إلى وصف وسائل الإعلام السعودية لقمر الاتصالات الذي أطلقته الهند وإسرائيل بأنه “قمر تجسس لمراقبة العرب” بالمؤسف.
أيضا الهند لا تزال تشعر بالقلق لأن التمويل السعودي للمدارس والمنظمات الدينية ساهمت في التطرف في كل من الهند وباكستان. والإسلام الهندي إسلام متسامح ونحن لا نستطيع الالتزام بنشر وجهات النظر المتطرفة، وأن الحكومة الهندية قلقة بشأن المساهمات الخيرية من المصادر السعودية إلى جنوب آسيا .
لدى الهند حوافز اقتصادية وسياسية كبيرة للتقرب من المملكة السعودية، فالحصول على النفط والأسواق على رأسها، فضلا عن الحصول على دعم من حليف عربي مسلم على استعداد للعودة لهم- أو على الأقل لا ينتقدهم بهمّه- في نزاعاتهم الدولية مع باكستان.
الهنود لديهم التزام واضح سياسياً واقتصادياً لتعزيز علاقاتهم الثنائية مع المملكة السعودية منذ 2006 ، وقد ساعدت التوترات الأخيرة في العلاقات السعودية الباكستانية في تسريع التقدم نحو هذا الهدف.

كما أشار المسئول الهندي هناك بعض النقاط الهامة الشائكة في العلاقات الثنائية وليس أقلها تعقيداً قضية العمل بالرغم من ذلك إلى حد أن شريكاً صاعداً مثل الهند يردد قلقنا بشأن قضايا مثل تمويل الإرهاب والانفتاح على الاستثمار فإن هذا سيعزز قدرتنا على إشراك السعوديين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق