ارتفاع ميزانية الدفاع الهندية
للعام 2012/2013
كتبه العميد طيّار (متقاعد):
خالد إقبال
أعلنت الهند عن زيادة نفقاتها
العسكرية بنحو (17%) مقارنة بالعام الماضي. يأتي هذا الارتفاع بعد نحو عام من
زيادة الهند نفقات ميزانيتها بنحو (11%). إنّ النظرة على تلك الزيادة التصاعدية على مدار العامين
الماضيين لتشير إلى أنّ الهند قد زادت نفقاتها العسكرية بنحو الثلث، وهي زيادة
كبيرة بحق. لقد قُدّر إجمالي نفقات الهند الدفاعية خلال العام 2012/2013 بنحو 1.93
تريليون روبية (أي ما يعادل 42 مليار دولار أمريكي)؛ أمّا ميزانية الدفاع
الباكستانية فلم تتخطى حاجز 6 مليار دولار أمريكي.
لقد قُدّر الإنفاق الرأسمالي
للقوات المسلحة الهندية -والذي يُخصّص لشراء المعدّات- بنحو 17.5 مليار دولار
أمريكي، بزيادة (15.7%) مقارنة بمخصصات العام السابق؛ كما يُخصّص %70 من الميزانية
للوفاء بعقود الشراء العسكرية التي سبق توقيعها فعلياً، وما يتبقى من الميزانية
فيُخصّص لشراء معدّات جديدة، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز (Rafale) الفرنسية
الصنع.
يُقدّر بند العائدات المدرج
بميزانية الدفاع بحوالي 21.67 مليار دولار أمريكي، حيث يُخصّص هذا البند للوفاء
بدفع الرواتب. يقول الدكتور لاكسمان بيهيرا التابع لمعهد الدراسات والتحليلات
الدفاعية معلقاً على بند العائدات الضخم المدرج بميزانية الدفاع: "الرواتب
والبدلات ذات طبيعة إلزامية ولا تملك الحكومة أي آلية للسيطرة على نموها، مع الأخذ
في الاعتبار طبيعة الزيادة الإلزامية في مدفوعات الأجور والبدلات السنوية. علاوة
على ذلك، يشكّل معظم الأجور والبدلات في الوقت الحاضر معاشات تقاعد العسكريين في
المستقبل، والتي لا تملك الحكومة أيضاً أدنى آلية للسيطرة عليها. تعود الزيادة
المطردة المفتقرة إلى آلية السيطرة عليها في هذين البندين بأثر بالغ على البنود
الأخرى لميزانية الدفاع." بيد أنّه، الهند كمثيلاتها من الدول الأخرى لا تدفع
المعاشات من تقديرات ميزانية الدفاع."
يأتي مبرّر الدوافع
الجيوستراتيجية التي طالما أشارت إليها الحكومة الهندية بينما ترفع من نفقاتها
العسكرية غير مستساغ للمنطق والعقل على الإطلاق. إنّ باكستان لا تمثّل مطلقاً
تهديداً عسكرياً بالنسبة للهند. إذا ما اطلعنا على الميزانيات الدفاعية للدول
الأصغر المجاورة للهند لنجدها بسيطة للغاية مقارنة بالميزانية الهندية؛ فغالبية
تلك الدول تفتقر إلى القوة العسكرية اللازمة لتشكيل أية تهديد حقيقي على دولة
طالما تفاخرت بكونها قوة عظمى مصغّرة. إنّ الهند -في الواقع- تعمد إلى تبرير بناء
تلك الترسانة العسكرية عاقدة المقارنة مع جارتها الصينية. بيد أّنه، لطالما استمرت
بكين في اتباع سياسة التصالح وتركّز فقط على تحسين المستوى الاقتصادي لشعبها. فعلى
الرغم من كون الصين قوة عالمية لها أدوارها ومسئولياتها المفترضة بها؛ إلا أنها لم
تزد من ميزانيتها الدفاعية للعام الجديد إلا بنحو (11%) لتبلغ بذلك 106.41 دولار
أمريكي.
الهند تعدّ واحدة من أكبر
مستوردي المعدّات العسكرية على مستوى العالم؛ بينما يعيش على أرضها أكثر من 440
مليون نسمة في فقر مدقع، يشكّلون في مجموعهم أكثر من نصف فقراء العالم.
لذلك، نرى أنّ رفع النفقات
العسكرية على هذا النحو سوف يجعل من أحوالهم المعيشية المأسوية أكثر تدهوراً.
إضافة إلى ذلك، سوف يفرض ذلك مزيداً من الضغط على الميزانيات القومية للدول
المجاورة. لقد أوضح القائد سيتارام يشوري أنّ الميزانية -وهو مُحقٌ تماماً في ذلك-
سوف تزيد من الأعباء المالية على العامة من المواطنين.
تقدّر المشروعات التطويرية
بحوالي 17.5 مليار دولار أمريكي وتشمل 126 طائرة مقاتلة متوسطة متعددة المهام، 145
مدفع هاوتزر فوق خفيف، 197 مروحيات عمودية للخدمات الخفيفة، 75 بيلاتوس (PC-7) لأغراض
التدريب الرئيسية للقوات الجوية وغيرها من الأسلحة والأنظمة الأخرى للأفرع الخدمية
الثلاثة.
وتتوقع مؤسسة الاستشارات
الدولية (KPMG)
بأنّ تبرم نيودلهي عقوداً عسكرية تقدّر بحوالي
112 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2016؛ الأمر الذي سوف يشعل فتيل سباق التسلح
داخل القارة الأسيوية.
إنّ الأمر ليثير التساؤل حول
نيّة ومخططات الهند على المدى البعيد. فمن الواضح أنّه علاوة على تطويق الصين،
يبدو جلياً أنّ المقصود هو إرهاب باكستان ومن ثمّ توسيع مدى نطاق النفوذ الهندي
إلى منطقة الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وما دونهما.
يساور باكستان مخاوف مشروعة
حيال هذا الإسراف في شراء الأسلحة؛ فقد حاربت الهند كل من الصين وباكستان، لكنها
خاضت حروباً ثلاث مع باكستان، وحرباً واحدة فقط مع الصين. ومن ثمّ، لا يمكن لباكستان
تجاهل إعلان الجانب الهندي عن رفع نفقاته الدفاعية تحت زعم تخوّفه من التهديد
الصيني. وهكذا يأتي ارتفاع الميزانية العسكرية الهندية بمثابة رسالة لابد للدول
المجاورة من إساءة فهمها، ما يُعزّز من استدامة التوتر داخل منطقة جنوب آسيا. إنّ
مخاوف الدول المجاورة لم تنشأ مطلقاً من فراغ، كون الهند لم تعمل على الاحتفاظ
بعلاقات جيدة معها، ناهيك عن تاريخ نزاعاتها العسكرية مع كل من باكستان والصين.
تمثّل هذه الزيادة في ميزانية
الدفاع الهندية مادة محفّزة لتفكير المحلّلين الذين يُقحمون أنفسهم بدافع الحماسة
في حملات دعائية ضد ميزانية الدفاع الباكستانية. إنّ باكستان أبداً لا تريد إقحام
نفسها في سباق تسلح، لكنها أبداً لا يمكنها أن تُغفل التجهيزات العسكرية الهندية،
خصوصاً مع انشغالها بإثارة المشاكل حيثما تمكنت، وبشكل خاص إقليم بلوتشستان، والذي
عزّز من وصولها إليه الجانب الأمريكي عبر أفغانستان. وهكذا، إذا اعتزمت باكستان
زيادة نفقاتها العسكرية لهذا العام، يكون الأمر مُبرّراً للغاية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق