تقرير استخباراتي: مستقبل مظلم لأفغانستان

تنبأ بزيادة نفوذ «طالبان» بعد الانسحاب الأميركي
تقرير استخباراتي: مستقبل مظلم لأفغانستان
ذكر مسئولون على دراية بتقرير استخباراتي أميركي جديد عن أفغانستان، أن المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في السنوات الثلاث الماضية، يرجح أن تتبدد إلى حد كبير حتى لو تركت واشنطن بضعة آلاف من القوات هناك، والتزمت بتعهدها بتمويل البلد الفقير.
ويشير المسئولون الذين قرؤوا التقرير المحظور إطلاع الجمهور عليه أو إحاطتهم علماً بنتائجه، إلى أن تقرير «التقييم الاستخباراتي الوطني» الذي يستقي مادته من بيانات من ست عشرة وكالة استخباراتية أميركية، يتوقع أن يتزايد نفوذ طالبان والأطراف الأخرى مع تقليص الولايات المتحدة لوجودها بعد أطول حروبها في التاريخ.
والمستقبل المتوقع القاتم يذكي الجدل السياسي داخل إدارة أوباما حول الخطوات التي يجب اتخاذها خلال العام المقبل، في الوقت الذي يسحب فيه الجيش الأميركي ما تبقى من قواته.
ويرجح التقرير أن تنزلق أفغانستان إلى حالة فوضى سريعاً إذا لم توقع كابول وواشنطن اتفاقاً أمنياً يبقي مفرزة عسكرية دولية هناك بعد عام 2014، وهو شرط لازم لإمداد أفغانستان بملايين الدولارات في صورة مساعدات تعهدت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها لإنفاقها في السنوات المقبلة.
ويقول مسئول أميركي على دراية بالتقرير، إنه في ظل الافتقار إلى وجود دائم ودعم مالي مستمر، فإن التقرير الاستخباراتي «يشير إلى وضع سيتدهور بسرعة شديدة». وأضاف المسئول وهو بين المسئولين الخمسة الذين اشترطوا عدم نشر أسمائهم، أن هذه النتيجة شائعة على نطاق واسع وسط المسئولين الأميركيين العاملين في أفغانستان. وانتقد بعض المسئولين التشاؤم الكامن في التقرير، مجادلين بأنه لا يعكس بشكل ملائم مقدار ما وصلت إليه قوات الأمن الأفغانية من كفاءة.
وقال أحد المسئولين، إن التقرير «أكثر قتامة» من التقارير الاستخباراتية السابقة بشأن الحرب، وقال إن هناك الكثير من نقاط عدم اليقين تقف في طريق التوصل لتوقع مدروس بشأن تكشف أحداث الصراع من الآن وحتى عام 2017، ومن بين نقاط عدم اليقين هذه، نتيجة الانتخابات الرئاسية للعام المقبل.
ويشعر أحد المسئولين أن التقرير سلبي بغير وجه الحق، ويقول «أعتقد أننا سوف نشاهد إعادة تقييم للسلطة السياسية...ولن يكون هناك صعود لا مفر منه لطالبان».
واتهم مسئول كبير من الإدارة الأميركية الاستخبارات بأنها دأبت على التقليل من شأن قوات الأمن الأفغانية، ويعتقد أن رؤية التقرير ليست حاسمة لأنها تتوقع صورة مظلمة وتتجاهل ما يجري عمله، وتصر على أن كل ما يجري عمله لا يفعل إلا إرجاء ما لا مفر منه.
وقال أحد المسئولين إن محللي الاستخبارات الأميركية لم يقدموا خريطة مفصلة للمناطق التي يعتقدون أنها ستقع تحت سيطرة جماعات بعينها أو أمراء حرب بعينهم في السنوات المقبلة. وأضاف أن المحللين يتوقعون أنه من شبه المؤكد أن الحكومة المركزية في كابول ستصبح بلا سطوة مع فقدانها النفوذ على أجزاء من البلاد.
وفسر البعض تقرير الاستخبارات بأنه اتهام مضمر لقرار زيادة عدد الجنود عام 2009 الذي أجازه الرئيس باراك أوباما تحت ضغط هائل من الجيش الأميركي في محاولة لتعزيز المؤسسات الأفغانية وإضعاف حركة التمرد.
ودافع المسئول البارز من الإدارة عن زيادة عدد الجنود، قائلاً إنها سمحت بتطوير جيش أفغاني يمكن الاعتماد عليه وتتزايد كفاءته، وجعلت من غير المحتمل أن تستطيع القاعدة أن ترسخ أقدامها ثانية في البلاد التي دبرت فيها هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وفي رد بالبريد الإلكتروني، قال مسئول بارز في الإدارة إن التقييم الاستخباراتي ليس إلا أداة واحدة في صندوق أدوات تحليل السياسة. وأوضح أن أحد الأدوار الرئيسية للاستخبارات هو التنبيه لإيجابيات وسلبيات السياسة الأميركية، وأن الإدارة الأميركية لطالما استخدمت التقييمات للتعرف إلى نواحي الضعف والعمل على إصلاحها.
وأضاف أنهم سوف يقيمون بيانات التقرير الاستخباراتي بالإضافة إلى بيانات من الجيش والدبلوماسيين وخبراء التنمية عند اتخاذ القرار التالي، بما في ذلك القرار بشأن مغادرة القوات أفغانستان بعد نهاية عام 2014. وسعت إدارة أوباما للحصول على تصريح من كابول بإبقاء قوات تقوم بمهام مكافحة الإرهاب والتدريب بعد عام 2014، بينما يرفض الرئيس الأفغاني حتى الآن التوقيع على اتفاق أمني مع الولايات المتحدة، وطالب باشتراطات تعتبرها واشنطن غير واقعية. واكتسب موقف المؤيدين في الإدارة والكونجرس لفكرة الانسحاب السريع زخماً بفضل عناد كرازي.
ويؤكد مسئولون أميركيون أن أحدث تقييم للاستخبارات قدم حجة قوية لمن يميلون إلى التخلي عن أفغانستان.
ويصدر التقرير عن مكتب مدير الاستخبارات الوطني بشكل دوري، خاصة قبل القرارات السياسية المهمة.
وجاء في برقية دبلوماسية أميركية ظهرت ضمن تسريبات «ويكيليكس»، أن دبلوماسيين دوليين قالوا إن تقريراً صدر عام 2008 قدم صورة «شديدة القتامة» عن أفغانستان. وصدر تقرير آخر عام 2010 ورسم أيضاً صورة لا شبهة في قتامتها. ورد قادة الحرب الأميركيون بعدم الموافقة على هذه الرؤية ولفتوا الانتباه إلى قصص النجاح التي يشعرون أنها لا تؤخذ في الاعتبار. وبلغت القصة ذروتها عندما ترك الجنرال ديفيد بترايوس قيادة قوات الائتلاف في كابول ليتولى رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي تلعب دوراً مهيمناً في إعداد تقارير التقييم الاستخباراتي.
ارنستو لوندونو وكارين دي يونج وجريج ميلر

المصدر : صحيفة الاتحاد

0 التعليقات:

إرسال تعليق