الجميع يحبون
الصين
كتبه: علي سوخانفر
يرى كثير من السيّاح القادمين لزيارة باكستان أنّ الشعب
الباكستاني ودود وكريم ودافئ الترحاب. عادة ما يردّدون عبارة "أنّنا نشعر كما
لو كنا في بلادنا". هناك كثير من الأسباب تساهم في تحقيق ذلك: أحدها هي ما يسترعيه
الباكستانيون من اهتمام، والسبب الآخر هو توافر جميع الأطعمة من اختيار الشخص بكل سهولة.
يستطيع السائح الأجنبي أن يعثر في شوارع المطاعم الباكستانية
خيارات وفيرة من المطاعم التي تعرض الأطعمة اليابانية والروسية والأمريكية، علاوة على
جميع المأكولات الصينية بمختلف أنواعها؛ وكذلك تتوافر مختلف أنواع السلطات، والبيتزا،
والمعجّنات، والشوربات، والمشروبات ذات الجودة العالمية. لكن خبرة ومهارة الطهاة الباكستانيين
في إعداد المأكولات الصينية لا يباريهم فيها غيرهم.
لك أن تتخيّل الشهرة الشعبية التي تحظى بها المأكولات
الصينية في باكستان، والتي ما تترامى بعيدًا لتصل إلى المناطق الجبلية النائية بالمناطق
القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية وإقليم بالوشستان وقرى السند الصحراوية؛ فالناس
هناك يألفون تمامًا شوربة الدجاج بالذرة، والأرز المقلي الصيني.
قد يتساءل سائلٌ ما الذي يجعل تلك المأكولات الصينية
تنتشر على المستوى الشعبي في باكستان؟ الإجابة بالتأكيد هي لذة مذاقها، لكن هناك أيضًا
شيئًا آخر يُضاف إلى الانجذاب إلى تلك المأكولات بخلاف مذاقها اللذيذ، وهو ما يُغدقه
الشعب الصيني من حب وود على الشعب الباكستاني منذ زمن بعيد.
على الرغم من محاولات المتآمرين الدوليين الفاشلة في
خلق سوء تفاهم بين الدولتين، إلا أنّهم أبدًا لم ينجحوا في تحقيق مكائدهم الخبيثة لتمزيق
العلاقة بين باكستان والصين التي توصف في سموها وقوتها بارتفاع جبال الهيمالايا.
إنّني أتذكر الحادث الذي وقع في 18 يوليو 2011 عندما
هاجم بعض الإرهابيين مركز شرطة مقاطعة زينغ جيان على حدو الصين مع باكستان. لقد تسبب
الهجوم الإرهابي في إزهاق أرواح أكثر من 18 شخصًا من الأبرياء. عقب الهجوم، بدأت وسائل
الإعلام الغربية والهندية في ترويج معلومات مغلوطة عن أنّ المشتبه في ضلوعهم في ارتكاب
هذا الهجوم قد تلقوا تدريبهم في باكستان.
إلا أنّ هذه الحملة الدعائية لم تفلح في تحقيق مرادهم
الخبيث لأنّ القيادات الصينية تعيَ جيّدًا مخاوف وقلق الهند والدول الغربية من طاقات
الصين الكامنة الهائلة بما يؤهلها لتكون القوى العظمى بالعالم، ولذلك فَهُم لا يقعون
فريسة لتلك المؤامرات الخبيثة.
تعلم الصين جيّدًا أنّ باكستان تعتبر الدولة الوحيدة
بتلك المنطقة التي يمكن للصين أن تصفها بالصديق الصدوق الذي طالما تصدى لاختبارات الزمن.
إنّ إضعاف الصين يعني بالضرورة إضعاف باكستان، والعكس صحيح. يرى كثيرٌ من المحلّلين
المحايدين أنّ الحرب الأمريكية المزعومة على الإرهاب إنّما خطط لها لضرب السيادة والتفوق
الصيني في المنطقة.
إنمّا ترغب القوى الدولية في غزو تلك الدولة عبر باكستان.
في سبيل تحقيق دوافعهم الخفيّة، يسعون لنشر حريق الإرهاب في باكستان تمهيدًا للطريق
أمام نيرانها الملتهبة من أن تصل الصين يومًا ما، وتصبح تحديًا يواجه سيادتها وتفوقها
من خلال حرق من تنعم به من سلام وتحوّله إلى رماد.
كما نعلم جميعًا، الحملات الدعائية قد أصبحت في وقتنا
الحاضر أحد الأسلحة الخطيرة تفوق في ضررها المسدسات والطلقات، لذلك يسعى الأصدقاء الحاقدين
لباكستان والصين لاستخدام هذا السلام عبر كل السبل الممكنة.
إنّما الهدف منها يتمثّل في خلق حالة من سوء التفاهم
فيما بين باكستان والصين، بما يحوّل كلا الدولتين إلى الاعتقاد بكون كلاهما الآخر مصدرًا
للتهديد، بما يخدم المخطّطات المهيمنة (السلطوية) للهند والولايات المتحدة التي تعتزمان
تنفيذها في المستقل القريب.
وتسعى مختلف مجموعات الإعلام الغربية مع انحراف ملحوظ
إلى خلق انطباع لدى العالم بأنّه هناك ثمة تحفّظات على الصين تجاه باكستان فيما يخص
حركة شرق تركمنستان الإسلامية.
على الرغم من إدراج باكستان لاسم حركة شركة تركمنستان
الإسلامية على قائمة المنظّمات الإرهابية، إلا أنّ ما ينقل إلى العالم أنّ باكستان
ما كان لها أن تدرج اسم تلك الحركة إلى بدافع الضغوط التي مارستها الصين عليها. تضم
حركة شرق تركمنستان الإسلامية ثلاث جماعات إسلامية أخرى، تضم حزب تركمنستان الإسلامي،
الحركة الإسلامية في أوزبكستان، واتحاد الجهاد الإسلامي.
رُفع مقطع فيديو في وقت لاحق خلال منتصف عام 2013 على
مختلف المواقع الإلكترونية يصور تعليم بعض الأطفال صغار السن على استخدام المسدسات،
البنادق (AK-47)،
والبنادق الآلية، بمعسكر للتدريب، أدُّعيَ أنّه يقع في شمال وزيرستان. وفقًا لمقطع
الفيديو المذكور، المعسكر يخضع لإدارة حركة شرق تركمنستان الإسلامية داخل الإقليم الباكستاني.
ولسوء الحظ، يخضع بعض المحلّلين الباكستانيين كذلك
لعبة بأيدي هؤلاء المتآمرين الغربيين، سواء عن علم أو دون قصد.
نشرت مقالة تحليلية لكاتب صحفي مخضرم بصحيفة تصدر باللغة
الأردية. فقد اقترح الصحفي المطّلع على الحكومة الباكستانية "ألا تضع جميع البيض
الباكستاني في السلة الصينية الواحدة"، حيث إنّه يرى أنّ الصينين إنّما يسعون
إلى خداع الشعب الباكستاني. إنّها أيضًا من نمط الحملات الدعائية التي تصوّر العلاقات
الباكستانية – الصينية على أنّها مجرّد علاقات تجارية بسيطة.
وكذلك يسعى بعض المحلّلين "المأجورين" إلى
إقناع العالم بأنّ الاستثمار في مجال التجارة والتبادل التجاري لا يعني ثمة علاقة صداقة
قوية تربط بين البلدين.
إنّهم يروّجون إلى أنّ الصين قد استثمرت في العديد
من الدول الإقليمية الأخرى، بما في ذلك الهند وأفغانستان، لذلك لا يجدون ثمة ما يضفي
طابع خاص على العلاقات الباكستانية - الصينية. دعنا ننتظر لنرى ما تتمخض عنه الأيام؛
الزمن هو ما سيقرّر الطبيعة الفعلية للعلاقات الباكستانية - الصينية.
لنرى ما إذا كانت مجرّد علاقات تجارية فحسب قائمة على
الخسائر والأرباح المالية، أم شيئًا آخر أكثر سموًا، أو علاقة صداقة هادئة؟ لكن لب
الموضوع سوف يظل دائمًا كذلك: أن باكستان لطالما تفخر بالرفقة الطيّبة وعلاقة الصداقة
القائمة مع الصين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق