موقف الحكومة الباكستانية من المظاهرات المناهضة لشرعيتها



موقف الحكومة الباكستانية من المظاهرات المناهضة لشرعيتها
يقود كل من القائد عمران خان رئيس حركة إنصاف ورجل الدين طاهر القادري زعيم حركة منهاج القرآن مظاهرات تطالب بضرورة تقديم حكومة نواز شريف استقالتها وذلك على مزاعم التزوير التي قامت به في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في تاريخ 14 مايو 2013.
كل من الحركتين تحشدان أنصارهما للتحرك في مظاهرات حاشدة تبدأ من مدينة لاهور وتنتهي في العاصمة إسلام آباد والتي وصلتها من أجل استجابة الحكومة لمطالبتهما بالاستقالة أو التجمهر أو اقتحام مبنى البرلمان الاتحادي بالقوة.
حيال مطالب الحركتين المتشددتين في شرطيهما عملت الحكومة على المناورة استناداً على عامل الزمن خاصة وقد بدأت مطالبتهما نحواً من أيام على الاحتفال بيوم استقلال باكستان في تاريخ 14 أغسطس الجاري.
وبلا شك قد عزم قادة الحركتين في دخول مدينة إسلام آباد في يوم عيد الاستقلال من أجل تحقيق هدفيهما ولكن سرعان ما سارعت الحكومة إلى سحب البساط من تحت الحركتين في عدم التشويش عليها بالاحتفالية التاريخية بدعاوى تأمين إسلام آباد من العناصر الإرهابية وعلى هذا الأساس قامت بنشر مئات من قوات حفظ الأمن والشرطة وأمنت المدينة بقفل الطرق بالحاويات وركزت على تفتيش السيارات والمواطنين على نحوٍ غير مسبوق.
ويجمع المراقبون أن أحزاب المعارضة الرئيسة ومهما كانت تختلف مع الحكومة فإن الرأي العام الباكستاني كان يهئ نفسه للاحتفال باستقلال البلاد من غير تشويش أمني من أي كان.
وبذا استطاعت الحكومة أن تحيد خطى الحركتين في التحرك نحو إسلام آباد قبيل يوم 14 أغسطس الماضي.
وفي سبيل ذالك شرعت أيضا في وضع المتاريس القانونية لفصل مسار حركة منهاج القرآن حيث دخل مناصروها في صدامات حادة مع الشرطة مما أدى إلى اضطراب أمني كبير استقلته الحكومة في فرض الحظر على زعيم الحركة ووضع رهن الاحتجاز بمنزله الكائن بلاهور. كما منعت أنصاره بالتمدد إلى بقية الساحة بالمدينة عدا حول منزله الذي صار كالمزار السياسي وزادت على الحصار بإغلاق خدمة الهاتف النقال وبتلك الخطوات عزلت الحكومة تماماً قائد حركة منهاج القرآن وأنصاره من الالتحام بأنصار حركة إنصاف.
ولكن من جهة أخرى فقد استبق رئيس حركة إنصاف خطى الحكومة في تقديم عريضة تطالب المحكمة العليا بالسماح له بالتظاهر السلمي فحاز قرارا أصدرته المحكمة في اللحظة الأخيرة بالترخيص للتظاهرة السلمية وتعهدت الحكومة الالتزام به.
ولكن مهما يكن من أمر فإن القائدين خان والقادري يصعب عليهما أن يتحدا بشكل رسمي لكنهما يدعوان لإسقاط حكومة يعتبرانها فاسدة والتي تولت السلطة بعد نصر كاسح حققه حزب رئيس الحكومة نواز شريف في انتخابات العام 2013.
وحيال تماطل الحكومة قال الناطق باسم حركة منهاج القرآن "شاهد مرسلين" معلقا على مناورات الحكومة: نحن من يشكلون الخطر الحقيقي على الحكومة ولهذا السبب يعارضوننا بهذه القوة. وأضاف الشرطة تقتلنا، ومؤيدونا لا يحملون سوى العصي ليدافعوا بها عن أنفسهم.”
من جانب آخر أرسل مسئولون تنفيذيون في الحكومة رسائل مبطنة في إيحاءات تتهم فيها واتهم مسئولين الجيش بدعم تنظيم التظاهرات لإضعاف الحكومة المدنية. إلا أن الجيش رفض التعليق ولكنه قال في وقت سابق إنه لا يتدخل في السياسة.
ويتشكك كثير من المحللين في رغبة الجيش في الاستيلاء على السلطة لكن هناك اعتقادا واسع النطاق بأنه قد يستغل الفرصة لوضع الحكومة المدنية تحت سلطته.
وبما أن رئيس الوزراء يعتمد على الجيش لإحلال الأمن في وجه التحديات التي تواجهه حكومته ونتيجة لذلك فمن المرجح أن تتخذ الحكومة سياسة أقل عنادًا فيما يتعلق بتنفيذ السياسات التي يعترض عليها الجيش مثل المضي قدما في اتهام القائد السابق للجيش برويز مشرف بالخيانة العظمى.
وفي حراك ذي صلة أعلن وزير الداخلية أن الحكومة ستحترم قرار المحكمة في منحها حق التظاهر التي كلفه الدستور وأنها ستمتثل لقرار القضاء.
والآن بعد مرور الاحتفال بيوم استقلال البلاد يبدو أن القائمين على أمر المظاهرات مازالوا عند موقفهم من شروطهم بتنحي الحكومة ولكن ما قد يسهّل مهمة الحكومة في التوصل إلى اتفاق بشأن الاتهامات المزعومة هو ما صرّح به وزير الإعلام في وقت سابق بأن دعاوى الاتهام بتزوير الانتخابات محلها جهات الاختصاص في لجان مفوضية الانتخابات العامة التي قامت بمهام تصديق نتائج الانتخابات وعلى إثرها جاءت الحكومة الاتحادية الحالية أو بمعنى آخر أن استقالة الحكومة تطلبه المحكمة الدستورية وليست الضغط على عليها بالمظاهرات.
المؤشر الثاني الذي قد ينفس على الحكومة الاختناق في شأن المتظاهرين الذين بالفعل وصلوا إلى العاصمة إسلام آباد هو دعوة رئيس حركة إنصاف الحكومة بإرسال مبعوثها للتفاوض معه في شان الادعاءات المثارة. وهو مما قد تتلقفه الحكومة بمفاوضة عمران خان ولأن الحكومة قد كانت تدعوه أصلاً للمحادثات في مطالبه.
من جهة أخرى قد تصل الحكومة مع قادة الجيش في إبرام صيغة ما بين المؤسستين الرئيستين في البلاد (الجهاز التنفيذي والمؤسسة العسكرية) من أجل إنهاء حالة الاحتقان الكائن ما بين الحكومة وحركتي إنصاف ومنهاج القرآن.

كل هذه الاحتمالات قائمة ما بين الأطراف المتصارعة على استقالة الحكومة وما تناور به الحكومة من خطى لامتصاص غضب المتظاهرين، فمن يربح هذا هو سؤال المليون الذي ينتظره الرأي العام الباكستاني والإقليمي على حدٍ سواء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق