بعد صمت استمر عامين،
قرر الجندي الأميركي جيمس أونيل الذي أطلق النار على بن لادن وأرداه قتيلاً، التحدّث
عن ليلة القضاء على زعيم القاعدة للإعلام.
عبدالإله مجيد من لندن:
قرر قاتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أن يكشف عن هويته معترفاً بأنه شارك في
مهمات خطيرة على امتداد 15 عامًا من العمل جندياً في القوات الخاصة للبحرية الأميركية
بينها مداهمة بيوت آمنة لتنظيم القاعدة ليلاً في العراق، وقتال قراصنة صوماليين، ولكنه
لم يشعر بالخوف كما شعر عندما قفز من المروحية التي كان على متنها إلى حديقة منزل بن
لادن. إذ كان جيمس أونيل متأكدًا من أن هذه ستكون مهمته الأخيرة.
استعدّ للموت
وقال أونيل، الذي كان
من بين عشرات اقتحموا منزل بن لادن في 2 مايو 2011، إنه أعد نفسه ذهنياً لمواجهة الموت
على أيدي حراس مدججين بالسلاح أو في شبكة من المفخخات قبل الوصول إلى غرفة بن لادن.
ولكن ما لم يتوقعه قط
هو أن يدخل التاريخ في تلك الليلة الظلماء بوصفه الرجل الذي أطلق الرصاصة التي أنهت
حياة بن لادن.
رصاصة أونيل
وأكد أونيل لصحيفة واشنطن
بوست أنه جندي القوات الخاصة للبحرية الأميركية الذي دخل غرفة نوم بن لادن مصوباً سلاحه
نحو زعيم تنظيم القاعدة، الذي وقف في ظلام الليل وراء أصغر زوجاته، ولكن اسمه لم يُذكر
بالارتباط مع الواقعة في ما نُشر من روايات عن العملية.
وقال أونيل في روايته،
التي أكدها جنديان آخران شاركا معه في الهجوم، إنه أطلق الرصاصة التي أصابت بن لادن
في جبهته فأرداه قتيلاً على الفور.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات،
وافق أونيل على الحديث عن دوره للمرة الأولى واصفاً بتفاصيل غير مسبوقة مهمة القبض
على الرجل الذي يقف وراء هجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن، أو قتله.
خرق الصمت
وجاء قراره الحديث عن
العملية بعد نحو سنتين على نشر رواية مثيرة للجدل في كتاب "يوم عصيب"، الذي
يقول مؤلفه الجندي السابق مات بيسونيت إنه يروي القصة الحقيقية لمقتل بن لادن.
كما قرر أونيل أن يكشف
عن هويته بعد صراع داخلي وضع خلاله مخاوفه بشأن الخصوصية والسلامة إزاء الرغبة في أن
يكون لديه على الأقل قدر من السيطرة على قصة كانت ستصدر إلى العلن وتكشف سره شاء أم
أبى.
وكان دور أونيل بوصفه
"الرامي" أصبح معروفاً في الأوساط العسكرية الأميركية وفي الكونغرس، حيث
كان بعض الأعضاء يعرفون القصة وهنأوا أونيل ، كما أكد لصحيفة واشنطن بوست. كما تمكن
صحافيون من معرفة اسمه.
وفي النهاية سُرب اسمه
على موقع يديره جنود سابقون في القوات الخاصة الأميركية انتقدوا قرار أونيل أن يروي
القصة لقناة فوكس وصحيفة واشنطن بوست.
لمساعدة الضحايا
وقال أونيل إنه كان
يتوقع هذه الانتقادات وأن قراره الخروج إلى العلن حُسم بعد لقاء خاص في الصيف مع جمع
من ذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001.
وذهب الجندي السابق
إلى أنهم ابلغوه بأن كشف ما حدث بقدر ما يساعدهم في مصابهم.
"الرامي"
وكان الصحافي فيل برونستين
وصف للمرة الأولى مشاركة أونيل في الغارة على منزل بن لادن في حديث لمجلة ايسكواير
العام الماضي، ولكنه اكتفى بالإشارة إليه على أنه "الرامي".
ونقل الصحافي عن أونيل
كيف أنه تقدم وخمسة آخرون من أفراد المجموعة المهاجمة مخترقين مجمع بن لادن في مدينة
ابوت آباد الباكستانية إلى أن وصلوا في النهاية إلى الطابق الثالث، حيث كان بن لادن
يعيش مع زوجاته.
ويتذكر أونيل في حديثه
لصحيفة واشنطن بوست أن أفرادا آخرين من المجموعة المهاجمة انفصلوا للبحث عن بن لادن
في غرف أخرى فوجد نفسه الرجل الثاني في مجموعته وراء الجندي الذي تقدمهم للهجوم الأخير
على غرفة نوم بن لادن.
نهاية بن لادن
وحين ظهر بن لادن للحظة
خاطفة في باب الغرفة، أطلق الجندي المتقدم رصاصة اخطأته على ما يبدو.
وقال أونيل إنه تقدم
إلى الأمام متجاوزًا الجندي الذي كان في الصدارة فرأى "بن لادن واقفًا هناك، كانت
يده على كتفي امرأة يدفعها إلى الأمام".
ورغم أن الغرفة كانت
مظلمة، فإن أونيل استطاع أن يتبين ملامح بن لادن بوضوح.
وكانت مجلة ايسكواير
نقلت عن أونيل قوله إن بن لادن "بدا مرتبكًا وكان أطول مما كنتُ أتوقع، وفي تلك
اللحظة أطلقتُ النار عليه مرتين في الجبهة، المرة الثانية أثناء سقوطه فهوى على الأرض
أمام سريره ورميته مرة أخرى".
وقال أونيل لصحيفة واشنطن
بوست أن بن لادن فارق الحياة على الفور بعد أن شطرت الرصاصة الأولى جمجمته. وأضاف:
"شاهدته يلفظ أنفاسه الأخيرة".
واعترف أونيل بأن ما
فعله لم تكن فيه أية بطولة، واصفاً تصرفاته في تلك اللحظات بأنها "ذاكرة عضلية"،
نتيجة تدريب متواصل ومتكرر، تضمن بروفات لا حصر لها للتمرين على اقتحام منزل بن لادن
في أبوت آباد باستخدام نماذج للمنزل بُنيت بحجمه الحقيقي.
ليلة لا تنسى
ونوّه أونيل بدور جندي
المقدمة الذي تعامل مع امرأتين في غرفة نوم بن لادن للفت انتباهه إليهما، وبذلك تمكين
أونيل من إطلاق النار عليه.
وقال أونيل إن ضيق الوقت
لم يسمح للجنود المشاركين في الغارة بأن يستوعبوا جسامة أحداث تلك الليلة.
وبعد التقاط صور فوتوغرافية
وحشر جثمان بن لادن في كيس للموتى، سارعوا إلى جمع أقراص الذاكرة وما يخزنه كومبيوتر
بن لادن من معلومات مع وثائق ومصادر أخرى.
وقام الجنود بعد ذلك
بإبعاد زوجات بن لادن وأطفاله عن البيت قبل أن يركبوا مروحيتهم عائدين بها على وجه
السرعة عبر الحدود الباكستانية ـ الأفغانية قبيل اقتراب المقاتلات الباكستانية.
وبعد ساعات، كان أونيل في قاعدته
في جلال آباد يتناول الفطور، فيما كان جثمان بن لادن في غرفة مجاورة.
وفي تلك اللحظة، ظهر
الرئيس اوباما على شاشة التلفزيون ليعلن "أن الولايات المتحدة نفذت عملية أسفرت
عن قتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والإرهابي المسئول عن قتل آلاف الأبرياء من
الرجال والنساء والأطفال".
وقال أونيل لصحيفة واشنطن
بوست إنه حينذاك نظر إلى الشاشة، والى الكيس الذي يحوي جثمان بن لادن في الغرفة المجاورة
ثم أنهى فطوره.
إيلاف
0 التعليقات:
إرسال تعليق