كتبه: ك. إقبال
بينما تتقاسم الباكستانية مالالا
يوسفزاي والهندي كايلاشساتيارثي جائزة نوبل للسلام لهذا العام، تنشغل دولتيهما بنوع
من "الحرب محدودة النطاق"داخل إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه بإقرار الأمم
المتحدة. إنّ ما نأمله أن يستطيع الحائزيْن على جائزة نوبل أن يوحّدا جهوديهما ويساعدان
على حل واحدة من أطول النزاعات العالقة على أجندة الأمم المتحدة، بما يتوافق مع قرارات
الأمم المتحدة الصادرة بشأن هذه القضية والبالغ عددها حوالي 20 قرارًا أمميًا. لقد
أحالت باكستان المسألة مجدّدًا إلى الأمم المتحدة.
لقد بعث مستشار رئيس الوزراء نواز
شريف لشئون الأمن القومي والشئون الخارجية السيد سارتاج عزيزخطابًا إلى سكرتير عام
الأمم المتحدة السيد بان كي مون، في الحادي عشر من أكتوبر الماضي بشأن الوضع الراهن
للنزاع الكشميري. ومن واقع مقتطفات ذلك الخطاب: "سعادة السكرتير العام، إنّني
أكتب إليكم استرعاءً لجذب انتباهكم على نحو عاجل إلى الوضع الأمني المتردّي على طول
خط المراقبة في إقليم جامو وكشمير، وكذلك بطول الخط الحدود المعمول به فيما بين باكستان
والهند، جرّاء انتهاكات متعمّدة بلا أدنى استفزاز لاتفاقية وقف إطلاق الناروالتراشق
العابر للحدود من جانب القوات الهندية على مدار الأسابيع الماضية…حيث كان رئيس الوزراء
[الباكستاني] قد أبرز خلال اجتماعه معكم الشهر المنصرم أهمية تنفيذ قرارات مجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة بشأن إقليم جامو وكشمير…غير أنّه للأسف، تبنّت الهند سياسة تتعارض
مع رغبته المعلنة في الانخراط في حوار ثنائي جادمع باكستان.
خلال الفترة 1-10 أكتوبر 2014،
أفادت التقارير بوقوع نحو 20 انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار على طول خط المراقبة، وكذلك
وقوع 22 انتهاكًا على طول الخط الحدودي المعمول به، ما أسفر عن قضاء 12 من الضحايا
المدنيين، وإصابة 52 في صفوف المدنيين، وإصابة 9 في صفوف العسكريين من الجانب الباكستاني.
وفي المجمل، فخلال العام 2014 وقع نحو 174انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار على طول
خط المراقبة، وكذلك 60 انتهاكًا على طول الخط الحدودي المعمول به.
لقد مارست باكستان أقصى درجات
ضبط النفسوالمسئولية في ردّها على تلك الاستفزازات. هذا وقد تصادف -وبينما أكتب لسعادتكم-
أنّه يجري مرافقة أفراد مجموعة المراقبين العسكريين التابعة للأمم المتحدة في الهند
وباكستان إلى مناطق بامتداد خط المراقبة، وذلك بغرض الاطلاع بأنفسهم على الانتهاكات
المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار من الجانب الهندي. إنّ باكستان لتؤمن بما يُناط بالأمم
المتحدة من دور هام تلعبه في سبيل تعزيز هذا الهدف، وكذلك من خلال مساعيكم الحميدة
ذلك الدور الحيوي لمجموعة المراقبين العسكريين التابعة للأمم المتحدة على الأرض، والذي
يحتاج إلى مزيد من التعزيز. إنّني سأكون ممتنًا لو أنّكم تداولتم هذا الخطاب كوثيقة
رسمية داخل مجلس الأمن".
إنّ الاستفزاز المستمر من الجانب
الهندي قد يكون أيضًا رد فعل لإبراز رئيس الوزراء نواز شريف قضية الشعب الكشميري بقوة
خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتأسيسًا على الأحداث التاريخية، إنّما
تلجأ الهند إلى ممارسة تلك الضغوط عندما تثير باكستان القضية الكشميرية أثناء انعقاد
أي من المحافل الدولية.
لقد ترأس رئيس الوزراء نواز شريف
اجتماعًا للجنة الأمن القومي في العاشر من أكتوبر الماضي، لتقييم الموقف الناجم عن
الاعتداءات الهندية. وفي تعاطيه مع هذا الموضوع، صرّح رئيس الوزراء نواز شريف بأنّه
لا ينبغي إطلاقًا إساءة رغبة باكستان في السلام، بينما حثّ الهند على احترام قدسية
خط المراقبة والخط الحدودي المعمول بهوأن تأمر بوقف إطلاق النار. وفي وقت سابق، طلب
وزير الدفاع الباكستاني من الهند أن تتوخى الحذر وأن تتصرّف بشيء من المسئولية. فقد
ذكّر نيودلهي بأنّ باكستان قادرة على الرد بشكل مناسب على الأفعال الهندية.
وفي بيان مقتضب لمدير عام القوات
الشرطية في البنجاب إلى وسائل الإعلام عند الخط الحدودي المعمول به، صرّح بقولهأنّ
الهند ليست فقط تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار وإنّما تشن حربًا "ضيّقة النطاق"على
الجانب الباكستاني. ثم أضاف أنّه خلال الفترة ما بين عامي 2010 و 2014، استخدمت قوات
حرس الحدود الهندية نحو 3.48 مليون سلاح ناري صغير على الخط الحدودي المعمول به، كما
أطلقت كذلك نحو أكثر من 30.000 قذيفة هاون. ومع انطلاق التراشق بالنيران في اليوم الأول
من عيد الأضحى، سقطت آلاف القذائف على الأراضي الباكستانية. وفي 6 أكتوبر وحده، تم
إطلاق أكثر من 51.000 سلاح ناري صغير عبر الخط الحدودي، بينما في 7 أكتوبر أطلق نحو
أكثر من 4.000 قذيفة هاون. وتجاوزًا للأرقام السابقة، أطلقت الهند أكثر من 6.000 قذيفة
هاون يوم 8 أكتوبر.
لقد كُسر مرارًا اتفاق وقف إطلاق
النار المبرم قبل 10 سنوات، الأمر الذي يجعل من الإبقاء عليه غير ذي جدوى. لقد قضى
أكثر من 35 مدنيًا وهرب الآلاف من منازلهم داخل المنطقة المتنازل عليها من إقليم كشمير.
إنّ التصعيد انعكاسٌ للوضعية الحالية
للروابط الثنائية. إنّ هشاشة تلك الروابط إنّما تنبع من الإعلان مؤخرًا عن إلغاء المباحثات
على مستوى وزراء الخارجية بين الدولتين. لقد تم إلغاء تلك المباحثات اعتباطًا وفجأة
من قبل الجانب الهندي بذريعة أنّ المندوب السامي الباكستاني لدى الهند يرغب في عقد
اجتماع تحضيري مع القيادة السياسية لإقليم جامو وكشمير المحتل هنديًا. إنّ مثل تلك
الاجتماعات لا تعدو سوى ممارسة معتادة على مدار العقدين الأخيرين أو يزيد.
فخلال زيارة لإقليم كشمير الخاضع
للسيطرة الهندية يوم استقلال الهند، تبنى ناريندرا مودي نغمة عدائية أججت مشاعر هيستريا
الحرب ضد باكستان. إنّ مودي لطالما ردّد شعارات توعّدت بموقف صلب من الدولة الباكستانية.
إنّما تستهدف تهديدات مودي بالحرب عشائر الجماهير المحليين [داخل الهند]: "اليوم،
ومع إطلاق الرصاص على الخط الحدودي، نجد العدو ينوح ويصرخ … لقد أدرك العدو أنّ الوقت
قد تغيّر وأنّ عاداتهم القديمة لن يتم التغاضي عنها مستقبلًا".
وقد عزّز وزير الدفاع الهندي آرون
جيتلي من رواية هؤلاء الصقور، بقوله: (إذا أصرت باكستان على نزعة المغامرة، فإنّ قواتنا
سوف تكلّفهم ثمنًا "لا يُحتمل" إذا واصلوا تلك المغامرة). كما وقد نُسب إلى
جيتلي قوله بأنّه قد تقرّر إلغاء المحادثات مع باكستان. فيما اختلف الوزير الأول بإقليم
كشمير الخاضع للسيطرة الهندية عمر عبد الله مع قرار وزير الدفاع بعدم عقد أية اجتماعات
أعلام فيما بين القوات العسكرية للبلدين خلال هذا التصعيد الراهن. "صرّحت الحكومة
بأنّه لن يكون هناك ثمة أية مباحثات لحين تتوقف باكستان تمامًا عن إطلاق النار. إنّه
وبالتحديد تحت وطأة اشتعال النيران لابد لنا من بدء المباحثات حتى تصمت المدافع".
هذا وقد أعرب سكرتير عام الأمم
المتحدة عن قلقه إزاء المناوشات الحدودية الأخيرة. وفي بيان عنه صرّح المتحدّث الرسمي
باسم بان كي مون: "إنّ سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون يتابع بقلق تصعيد
العنف الأخير على امتداد خط المراقبة فيما بين باكستان والهند". فيما قد حثّت
أمريكا باكستان والهند على استئناف عملية الحوار؛ فقد صرّح المتحدّث باسم وزارة الخارجية
الأمريكية جين بساكي: "يتواصل الدبلوماسيون الأمريكيون مع كلا الحكومتين لتسوية
القضايادبلوماسيًا وعبر النقاش".
على الرغم من تدني احتمالات تسبب
أي من تلك الصراعات في خروج الأمور عن السيطرة، إلا أنّها قد تقود إلى مستويات خطيرة
من التصعيد. إنّه من مصلحة الهند وباكستان السيطرة على الحوادث الحدودية.
لقد رجّح اثنين من السيناتورات
الأمريكيين -تيموتي كين وكينج- أنّه بمقدور الأمم المتحدة أن تلعب دورًا أكبر في التوترات
الحالية بين الهند وباكستان. فقد صرّح كينج قائلًا: "إنني إذ أرحّب بتعليقات سكرتير
عام الأمم المتحدة الداعية إلى الجهود الدبلوماسية والحوار لإنهاء الصراع فيما بين
الهند وباكستان". بينما ذهب كين إلى أبعد من ذلك قليلًا حيث صرّح بقوله:
"بصفتي مؤيدًا ومشجّعًا على التسوية السلمية للنزاعات، فإنّني أرى أنّ الأمم المتحدة
قد أبلت بلاءً حسنًا، ومن هذا المنطلق فإنّنا نرحّب بمشاركتها". إنّ مثل تلك التعليقات
مهمة للغاية ومرحّب بها حقيقةً؛ فقد دعت باكستان إلى دور دولي أكبر في تسوية القضايا
العالقة فيما بين الدولتين— وبشكل خاص القضية الكشميرية.
يجب على باكستان الاستمرار في
البناء على خطاب المستشار ومطالبة الأمم المتحدة في استئناف دورها الشرعي من خلال إيداع
مشروع قانون لقرار يصدر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب أحكام الفصل السابع
من ميثاق الأمم المتحدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق