في 25 أكتوبر 1947م، ادّعت الهند أنّ المهراجا الهندوسي
حاكم إقليم كشمير "هاري سينغ" آثر الانضمام إلى الهند بتوقيع وثيقة الانضمام،
وأنّ الحكومة الهندية قد وافقت على ذلك في 27 أكتوبر 1947م.
جاء هذا التصرّف من جانب الحاكم الهندوسي صادمًا ومخالفًا
تمامًا لجميع تطلّعات الشعب الكشميري الذي ينتمي أغلبيته إلى المسلمين، حيث كانوا يرغبون
في الانضمام إلى باكستان.
وبذلك يكون احتلال الهند لإقليم كشمير مخالفًا لكافة
الأعراف الدولية و"اتفاقية تجميد الوضع" التي وقّعها "هاري سينغ"
مع باكستان في 15 أغسطس 1947 (راجع صفحة 97 من الصراعات فيما بين الهند وباكستان- الموسوعة
التي جمّعها بيتر ليون). وتبعًا لذلك، أدخلت الهند قواتها المسلّحة إلى كشمير واحتلت
الولاية بقوة السلاح. ثأر الشعب الكشميري من خلال التحريض على حركة مقاومة وطنية ضدّ
المستعمرون الهنود.
لقد احتلت الهند ثلثي إقليم جامو وكشمير- والمعروف
بـ "إقليم كشمير الخاضع للسيطرة الهندية"، في حين تمكّن السكّان المسلمون
الأصليون من تحرير الثلث الآخر - والذي يُعرف بـ "إقليم أزاد جامو وكشمير".
ومنذ ذلك الحين، دأبت الهند على قمع الشعب الأعزل داخل إقليم كشمير الخاضع للسيطرة
الهندية، من خلال عمليات القتل الجماعية المنتقصة للعدالة، وعمليات الاختفاء القسري
على يد قوات الاحتلال الهندية، وعصابات الاغتصاب، والاستعمال التمييزي والعنصري للقوة
والتعذيب، وإطلاق النيران على المظاهرات، وعمليات القتل أثناء الاعتقال، وكذلك المواجهات
والاعتقالات الموسّعة، وغير ذلك من أشكال القوة المفرطة غير المبرّرة.
ومنذ عام 1989، قتل نحو ما يزيد على 50 ألف مواطن كشميري
(فيما تقدّر أعدادهم حسب تقارير أخرى بـ 100 ألف قتيل) خلال الصراع المستمر، فيما عثرت
لجنة حقوق الإنسان نحو 2.730جثّة تم دفنها في قبور مجهولة متفرقة في جميع أنحاء إقليم
كشمير، والتي يُعتقد أنّها بقايا ضحايا حالات القتل غير القانوني على يد قوات الأمن
الهندية.
هذا ومن جانبها، أوردت العديد من الوكالات الدولية
والتابعة للأمم المتحدة تقاريرًا بانتهاكات لحقوق الإنسان داخل إقليم كشمير الخاضع
للإدارة الهندية. وفي تصريح صحفي صرّح المتحدّث باسم المفوّضية العليا لحقوق الإنسان
التابعة للأمم المتحدّة قائلًا: "يُتابع مكتب المفوّضية العليا لحقول الإنسان
بمزيد من القلق الاحتجاجات العنيفة التي انطلقت مؤخرًا داخل إقليم كشمير الخاضع للإدارة
الهندية، والتي أوردت التقارير وقوع ضحايا في صفوف المدنيين وفرض قيود على حق حرية
التجمّع والتعبير".
وأفاد تقرير أصدرته المفوّضية العليا لحقوق اللاجئين
التابعة للأمم المتحدة في العام 2008 بأنّ إقليم كشمير الخاضع للإدارة الهندية إنّما
كان "خاليًا جزئيًا" فقط. في حين أفاد تقرير صادر عن منظّمة العفو الدولية
أنّ نحو 20 ألف شخص تم اعتقالهم بموجب أحكام قانون أطلق عليه "قانون الصلاحيات
الخاصة للقوات المسلّحة لسنة 1958" داخل إقليم كشمير الخاضع للسيطرة الهندية.
إنّ النزاع حول قضية كشمير على النحو الموثّق لدى الأمم
المتحدةإنّما يشمل "حق تقرير المصير"، وهو ما يعني أنّ تُقرّر جموع الشعب
بحريّة مطلقة مواقفها السياسية. لقد أرسى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بكل وضوح
أن تحديد "مسألة انضمام إقليم جامو وكشمير إلى الهند أو باكستان" إنّما هو
متروك لعملية ديمقراطية واستفتاء محايد".
إنّ قرارات الأمم المتحدة لا تزال سارية المفعول على
الرغم من بذل الهند جهودًا عديدة لإقرارها ثنائيًا عقب اتفاقية سيملا. إنّها تفسير
أحادي الجانب لمسألة الريادة الهندية والهدف منها إنّما هو تجميد الأوضاع.
فعلى الرغم من مرور ما يزيد على 40 عامًا، لم تبذل
الهند أي جهدٍ حثيثٍ لتسوية هذه القضية. وأبسط مثال على ذلك هو إلغاء المباحثات الأخيرة
على مستوى وزراء خارجية الهند وباكستان. وعلى هذا الأساس، لا يزال أمام الشعب الكشميري
مزيد من الوقت ومعاودة تسجيل أصواتهم لإبراز معاناتهم ومن ثمّ جذب انتباه المجتمع الدولي
للإقرار بحقهم في تقرير المصير.
هذا فيما يبدو الجهد الحثيث والصادق الذي بذلته باكستان
مؤخرًا لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة قد بثّ روحًا جديدة في صفوف الشعب الكشميري.
فقد أعلنوا عن تنظيم "مسيرة كشمير المليونية" في لندن– المملكة المتحدة،
في 26 أكتوبر 2014، يتقدّمها المحامي "سلطان محمود" رئيس الوزراء السابق
لإقليم أزاد جامو وكشمير. وكان الغرض من "مسيرة كشمير المليونية" هو إبراز
المأساة الإنسانية الخطيرة داخل إقليم كشمير الخاضع للسيطرة الهندية، وأيضًا استدعاء
بريطانيا العظمى للعب دور في مساعدة الكشميريين للحصول على حقهم الشرعي في تقرير المصير.
وطالب "سلطان محمود" كذلك استرعاء الأمم المتحدة لحالات القتل الواقعة في
حق الأبرياء من أبناء الشعب الكشميري نتيجة لإطلاق النار عند خط المراقبة.
تأتي مسيرة كشمير المليونية بمثابة الرد المناسب على
الغطرسة الهندية. كما طالب سلطان، أيضًا، بمراعاة رئيس الوزراء الهندي بدلًا من أن
يُصدر تصاريح تحريضية، أن يسحب القوات الهندية البالغ عددها 800 ألف جندي منتشرين داخل
الإقليم المتنازع عليه.
وأرادت الهند، عبر القنوات الدبلوماسية، إجهاض "مسيرة
كشمير المليونية" لدى بريطانيا، خلال اجتماع لوزير الشئون الخارجية الهندي سوشماسوارا
جمع نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليجفي لندن. وحاولت الهند أيضًا، من خلال وسائل
الإعلام، إبراز أنّ الكشميريين قد انقسموا
على أنفسهم فيما يتعلق بتنظيم "مسيرة كشمير المليونية" من ميدان ترافلاجار
إلى شارع داونينج في لندن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق