أودع المشاركون في أعمال مؤتمر "دور الوقف في تنمية الأقليات المسلمة في
الغرب"، الذي اختتم الليلة الماضية، 22 توصية عامة، "ستخضع لتنقيح صياغتها
خلال الأيام القليلة الماضية"، بحسب إدارة المؤتمر.
وعقد المؤتمر بين يومي 25 و26 ديسمبر الجاري بمدنية "لاشودفون"، أقصى
غرب سويسرا.
ويمكن تقسيم التوصيات إلى مجموعتين، أولاهما: "تقليدية"، مثل تشكيل
"لجنة متابعة تنفيذ ما جاء في التوصيات"، و"إنشاء دليل للأوقاف الإسلامية
في أوروبا"، و"تشكيل هيئة أوروبية للاستشارات الخيرية والإنسانية"،
و"هيئة أوروبية للأوقاف"، و"منتدى للوقف الأوروبي".
وتتضمن تلك المجموعة أيضا "الحث
على توعية مسلمي أوروبا بمفهوم الوقف وأهميته"، و"دراسة قوانين الوقف في
كل بلد أوروبي ومقارنتها بالشريعة الإسلامية، و"إعداد دليل إجرائي يبين طريقة
إنشاء الأوقاف في كل دولة أوروبية، وإنشاء صندوق الوقف الأوروبي للتمويل المُجَمَّع
للمشاريع الاستثمارية الوقفية".
أما المجموعة الثانية، فتضم توصيات يمكن القول إنها "أكثر أهمية"
لأنها تحمل أفكار جديدة مثل: "تسجيل الوقف الإسلامي الأوروبي كعلامة مسجلة محمية
تخضع لشروط ومعايير الوقف الإسلامي المتعارف عليه، وذلك لضمان عدم التلاعب بمفاهيم
الوقف".
كما تحث التوصيات على ضرورة "إنشاء لجنة من المختصين في الاستثمار، والعمل
الخيري بمشاركة بين خبراء من أوروبا ومجلس التعاون الخليجي، لإعداد وثيقة تُصيغ استراتيجيات
لتسويق المشاريع الوقفية للمتبرعين وأهل الخير"، وفق مراسل الأناضول.
في الوقت ذاته، هناك ضرورة لـ"الاستفادة من صيغة الصكوك الإسلامية لاستصدار
صكوك لتمويل مشروعات خيرية ذات جدوى اقتصادية، تتحول تدريجيا إلى أوقاف وذلك من خلال
تنسيق مع مؤسسات إسلامية في أوروبا"، حسب توصيات المؤتمر.
وفي السياق الأكاديمي، تطالب التوصيات بـ"ضرورة كفالة كرسي جامعي لدراسة
الأوقاف الإسلامية، وترجمة كتب حول إسهامات
الوقف الإسلامي في خدمة البشرية، وتأسيس مركز لإعداد مختصين في الأوقاف الإسلامية في
الغرب".
وقال العياشي فداد، خبير أول ومستشار للمصرفية الإسلامية بالمعهد الإسلامي للبحوث
والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وأحد المشاركين الأساسيين في المؤتمر لـ"الأناضول":
"إن الوقف هام جدا لمسلمي الغرب لكونه المؤسسة الوحيدة التي يمكن أن تضمن لهم
موارد مالية ذاتية متواصلة".
وأضاف أن "أنشطة المنظمات الإسلامية في أوروبا تعتمد بشكل أساسي على الاشتراكات
والتبرعات، ما يجعلها عرضة لتقلبات الظروف المالية والاجتماعية للمتبرعين".
ومضى قائلا إن "فكرة التعاون مع
الاتحاد الأوروبي في صياغة آليات قانونية لإنشاء أوقاف إسلامية سوف تتطلب مفاوضات لتنسيق
المواقف، لاسيما أن قوانين إنشاء المؤسسات الخيرية في الدول الأوروبية تتوافق في نقاط
كثيرة للغاية مع أنظمة الوقف الإسلامي مثل اتضح من تجارب الأوقاف الإسلامية في البلقان".
وتابع أن "تـَـقبُّـل الغرب للأنظمة المصرفية الإسلامية وانتشارها بشكل
جيد حتى بين غير المسلمين يوحي بأن مسار مفاوضات إنشاء مشروعات وقف إسلامية في أوروبا
سوف تكون سلسلة، لاسيما إذا قدمت كمُنتَج مالي ذو عائد اقتصادي يساهم أيضا في حل بعض
القضايا التي تمر بها الجالية المسلمة مثل البطالة (بسبب الانتماء الديني كالحجاب واللحية)
أو غيرها، وركزت على مجالات مثل التعليم ورعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والبيئة
وحقوق الإنسان".
العياشي قال أيضا إن "تطبيق هذه الأفكار سيكون مصحوبا بغطاء سياسي عبر
آليات منظمة التعاون الإسلامي والتي تخوض المفاوضات مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لوضع
أسس هذا التعاون المشترك الذي ما من شك أن الجميع سوف يستفيد منه".
ويقول منظمو المؤتمر إن ٣٢ مؤسسة خيرية إسلامية أوروبية شاركت فيه من دول مختلفة
مثل: سويسرا وألمانيا وإيطاليا والدنمرك والسويد وفرنسا.
ويؤخذ على المؤتمر عدم مشاركه ممثلين عن جمعيات خيرية أوروبية من أصول تركية
أو بلقانية على سبيل المثال، بحكم أنهم الأقدم حضورا في غرب أوروبا، ولهم تجارب سابقة
في هذا الشأن، في مقابل الاكتفاء بمسلمين من أوروبا من أصول عربية فقط.
كما غاب عن المؤتمر استعراض تجربة الوقف الإسلامي في الدول ذات الكثافة المسلمة
المرتفعة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا والنمسا في مقبل الاكتفاء بعرض
تجربتي السويد والدنمرك فقط.
وفي الوقت ذاته، لم يتم وضع سقف زمني واضح لتنفيذ هذه التوصيات لاسيما تلك المتعلقة
بآلية المتابعة والتواصل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق