أطفال العالم يلعبون بالثلج وأطفال سوريا يموتون
بردا
بابا الفاتكيان،
كيف رشحتك ‘تايمز′ رجل العام؟ دون أن تنظر إلى الطفل العام! .. الطفل السوري المرتعش
بالعواصف الثلجية في مخيمات اللاجئين.
..فلننظر معا أنا
وأنت إلى هذا الطفل يا بابا وقلبي وقلبك يخاطبانه: أنت وقود الصقيع
هذا العام في بلاد الشام يا ولدي!
أراك مجمدا في
الشاشة، كما تتجمد في ثلاجتي الدجاجة، تجميدها دنماركي فرنسي تجاري، وتجميدك عربي عربي
إسلامي يا ولدي.!
كنت لا أخشى عليك
يا ولدي! .. وأنت تقفز وتجري، وتنط كما تنط الأرانب في السيرك الأبيض، ضاحكا لاعبا
بكرة ثلج، إلا أن درجة التجميد هذا العام، في بلادك بلاد الشام، علت نبضات قلبك وحرارة
رئتيك يا ولدي!
عشقت نمساوية رأت
على التلفاز طفلا كشميريا يمشي على ثلوج الجبال حافي القدمين! فرفعت السماعة من النمسا
إلى جميع مصانع الأحذية الأوروبية (هل عندكم ستوكات قديمة، موديلات قديمة للإتلاف)
.. ثم اتصلت بجميع خطوط الطيران وشركات النقل الجوي (هل تنقلونها إلى وادي كشمير تطوعيا؟)
.. ثم نظرت إلى التلفاز، فرأت على الشاشات أكثر من مليون طفل كشميري يلعبون مع الغزلان
على الثلوج الجبلية بأحذية رياضية.!
لكن مشكلتك يا
ولدي إن أتتك النمساوية، قد يمنعها القانون (أنت بلا تأشيرة يا نمساوية) .. وتعرقلها
الشريعة (أنت بلا حجاب يا نمساوية) .. وتمنعها النعرات القومية (أنت بعثية أسدية أم
صدامية يا نمساوية) .. وتمنعها أسوار دمشق (أنت للجيش أو جيش الحر؟ أنت لجبهة النصرة
أو لواء التوحيد؟ .. أنت وأنتِ .. وأنتَ
التقطت أنفاسك
الأخيرة بالتجميد يا ولدي.!
كنت أنقذتك يا
ولدي! .. بالتبني بالسياحة، بالتروض وباللياقة، إلا أن قانون الهجرة والعمل في الوطن
الكبير، وبنود الفقه في الشرع الضرير وقوارب الإنقاذ في النهر العظيم، لا مساحة لك
فيها يا ولدي للغوص دون الخنق والإغراق، ولا مواد فيها ولا بنود ولا قيود تحلل لك ما
حرمه الشرع الضرير.. لك أنت بالذات يا الطفل السوري العربي، يا الطفل الكردي العربي
ويا الطفل العربي العربي.!
كلما احتضنت بأبنائي
في لحافي الناعم الحرير، قبلتهم الشفتان والقلب يذرف دما قبل الدموع على الخدين، لبيتٍ
يسكنه غبار الموت للطفل الصغير، والعرش يعلوه فرعونٌ تلو فرعون ‘أنا ربكم الأعلى ألا
تعبدوني.؟’ .. فعبدته ونسيتك يا ولدي.!
قلمي تجنن ولا
على المجنون حرج! .. الحنكة والحيطة والحذر يزحف بها إنسان الخائف من أعراض الروماتيزم
والجلطة وتصلب الشرايين، أنا أرى أن حياتي نفدت، أيامي انتهت، لم يعد لي رصيد من الحياة،
ولا بقيت لي ثروة أتأبط بحقيبة نادي القمار، ولا دولارا في جيبي أو خاتم ألماس في أصبعي
أرمي بها على سيقان الراقصات العاريات، لم يبق لي من الدنيا أنفاس إلا أن أتنفس بأنفاسك
أنت يا ولدي.!
أطفالنا في
(21) دولة عربية يريدون أن يلعبوا معك يا طفل البلد رقم (22) يا ولدي .. الأمهات في
تلك الدول لك بالحضانة، لك بحنان الأمومة، والخالات لك والعمات والجدات .. فماذا يمنع
ربك أن يعطيك جناحين وتطير بهما إليهن من الخليج إلى المحيط يا ولدي.!
لكن ربك أرحم بعباده
من العبد لأخيه، وأمه وأبيه، وفصيلته التي تؤويه ..ولعله أعطاك جناحين تطير بهما إلى
الجنان يا ولدي.!
أحمد إبراهيم
0 التعليقات:
إرسال تعليق