أوباما ومأزق «التمديد»
قد يؤدي سعي البيت الأبيض لتمديد البقاء في أفغانستان
لمدة عشر سنوات على الأقل إلى ردود فعل كثيرة. فالإدارة الأميركية تسعى إلى إبرام اتفاق
أمني مع الحكومة الأفغانية يسمح للقوات الأميركية بالبقاء هناك حتى «عام 2024 وبعده».
وتشير بيانات لشبكة «إن. بي. سي. نيوز» الإخبارية الشهر
الماضي، إلى أن المسئولين الأفغان يريدون بقاء ما بين عشرة آلاف و15 ألف جندي أميركي
في البلاد، بينما يفكر المسئولون الأميركيون في إبقاء ما بين سبعة وثمانية آلاف جندي.
وهذه القوات لن يحظر عليها القيام بعمليات قتالية ضد أي جماعة تعتبر منبثقة عن «القاعدة».
لكن إذا ما اقترح الرئيس إرسال ثمانية آلاف جندي إلى سوريا للقيام بعمليات قتالية هناك،
فأي شخص عاقل سيعتبر هذا خوضاً لحرب هناك. والشيء ذاته يصدق على البقاء لعقد آخر في
أفغانستان إذا أبرمت الصفقة الأمنية.
وقد أراد عدد من أعضاء الكونجرس إثارة القضية، فحاول
السيناتور جيف ميركلي (ديمقراطي عن ولاية أوريجون) و11 عضواً آخرين في مجلس الشيوخ
إدخال تعديل على قانون سلطة التفويض الدفاعي الوطني يطالب أوباما باستشارة الكونجرس
قبل الموافقة على تمديد الحرب عشر سنوات أخرى. ولم يسمح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ،
هاري ريد، بأجراء التصويت، لكن من الجدير بالملاحظة أن المشاركين في المقترح بينهم
أعضاء ديمقراطيون بالإضافة إلى جمهوريين.
وأقر مجلس النواب إجراءً مماثلا في يونيو بتصويت من
الحزبين حيث وافق عليه 305 أعضاء واعترض 121 عضواً.
وقال التجمع التقدمي للكونجرس الشهر الماضي الذي ساعد
في التقدم بهذا الإجراء إن الاتفاق الأمني الأفغاني المقترح «مثير للغضب». وتفتقر حرب
أفغانستان للشعبية بشدة: فنسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن الأمر لم يكن يستحق حرباً
بلغت 67 في المائة في استطلاع للرأي أجرته «واشنطن بوست» و«أيه. بي. سي. نيوز» في يوليو
الماضي. وخلال السنوات السبع التي دارت فيها رحى الحرب في عهد الرئيس الأميركي السابق
جورج بوش الابن قتل 630 أميركياً في أفغانستان. وأثناء رئاسة أوباما قتل 1671 جندياً
بينهم 127 لقوا حتفهم هذا العام الذي من المفترض أن الحرب تنحسر فيه. ومازالت أهداف
الحرب غير واضحة.
فقد قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، عام
2012، إن سبب بقاء القوات الأميركية في أفغانستان في المقام الأول هو عرقلة وتفكيك
«القاعدة» وإلحاق هزيمة منكرة بها. لكن في مارس من ذات العام، سألت وزارة الدفاع عن
آخر مرة قتلت فيها القوات شخصاً ينتمي لـ«القاعدة»، فكانت الإجابة هي أن هذا حدث قبل
عشرة أشهر. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» مطلع هذا الأسبوع تقريراً بشأن تقييم استخباراتي
جديد يشير إلى أن أي مكاسب محتملة حققتها الولايات المتحدة قد تتبدد سريعاً بعد تقليص
القوات. لذا فنحن أمام حرب بلا شعبية إلى حد كبير، واستمرارٌ لموت الجنود، ورئيس من
المفترض أنه مناهض للحرب يسعى إلى عقد آخر من العمليات القتالية الأميركية في ظل كونجرس
يتزايد تمرداً وبعض المتمردين أعضاء حزبه. ووسائل الإعلام لا تهتم كثيراً بأفغانستان
ومعظم الجمهوريين يلتزمون الهدوء مع شعورهم بأنهم محاصرون بين كراهية الظهور بمظهر
الحمائم وبين جمهور يكره الحرب. لكن هذه العوامل قد تتضافر في عام 2014 وقد تجعل الناخبين
يركزون على سبب استمرار موت القوات الأميركية في أفغانستان.
جورج زورنيك كاتب ومحلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز
سيرفس»
0 التعليقات:
إرسال تعليق