دشنته الصين ودول آسيوية.. البنك الآسيوي لاستثمارات يثير قلق أمريكا

في تاريخ 25 أكتوبر الماضي اتفقت الصين وعشرون دولة آسيوية أخرى على تأسيس البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية وذلك من أجل تمويل مشاريع الطرق والسكك الحديدية والطاقة وغيرها من المشاريع في مختلف أنحاء المنطقة.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية في الصين أنه من المتوقع تأسيس البنك رسمياً ومقره سيكون العاصمة بكين بحلول نهاية العام المقبل وبرأسمال يبلغ مائة مليار دولار.
ما إن خرج النبأ الكبير إلى الآفاق الاقتصادية إلا وأعقبها تحركات حذرة بدت من قوى الهيمنة الدولية المتمثلة في البنك الدولي الذي بلا شك يقع تحت تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في سياسته المالية تجاه دول العالم النامية بصفة خاصة.
وبمجرد التوقيع على مذكرة التفاهم بشأن البنك المزمع أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها لتأسيس البنك فيما أبدى بنك التنمية الآسيوي ترحيبه بشكل حذر بالاتفاق ووعد بعرضه لمزيد من الدراسة.
وفي الصين التقى رئيسها شي جين بينج مع ممثلين عن باقي الدول المشاركة ومن بينها الهند وباكستان وبنجلاديش وماليزيا والفلبين وتايلاند.وكما تحتوي قائمة الموقعين على المذكرة كلاً من بنجلاديش وبروناي وكمبوديا والهند وكازاخستان والكويت ولاوس وماليزيا ومنغوليا وميانمار ونيبال وعُمان وباكستان والفلبين وقطر وسنغافورة وسيريلانكا وتايلاند وأوزبكستان وفيتنام.
وبالنظر إلى قائمة الدول فبلا شك نرى أن هنالك تداعٍ كبير ورضا عام عن فكرة تأسيس البنك في المحور الآسيوي وليس أدّل على هذا تضمين قائمة الدول الموقعة الهند المنافس السياسي والاقتصادي للتحركات الصينية تجاه آسيا.
وهو مما يعني أن فكرة البنك تبدو تنموية خالصة من السياسات ذات الطابع الأحادي والشراهة الاقتصادية التي تتميز بها المؤسسات الاقتصادية الغربية الماسكة على زمام المبادرة الاقتصادية عالمياً.
وتأكيداً على ما سبق فقد تساءل المحلل الاقتصادي الباكستاني زبير أحمد ملك عن مدى ما يمكن أن تصير الصين قطبًا جديدًا للعالم موازيًا ومنافسًا للقطب الأمريكي؟ وهل من الممكن أن تتخطاه في فترة قصيرة بعد تلك الطفرة الاقتصادية الكبرى التي حققتها؟
كان هذا سؤال للمحلل زبير أحمد ملك من إسلام آباد والمحلل الاقتصادي الباكستاني نديم خان من لاهور وقيصر بنغالي من كراتشي وعدد من المتخصصين في الشأن الآسيوي.
وأضاف الاقتصادي نديم خان من مدينة لاهور وقيصر بنغالي من كراتشي المتخصصان في الشؤون الاقتصادية الأسيوية بأن دولة مثل الصين قد بدأت اتخاذ خطواتها الأولى لمراجعة النظام الدولي بشكله الحالي.
وتأسيساً على هذه المواقف المتباينة يبدو أن هنالك حرباً باردة بين الدبلوماسيين الصينيين والأمريكيين والتي مازالت تعتمل في داخل الغرف المغلقة، بينما يسعى الطرفان قدر الإمكان إلى إبقاء تلك الحرب باردة أو ربما انتقال الحرب تلك في التوقيت غير المناسب يعنى هزيمة لأحد الطرفين.
ومما يجدر ذكره أن بكين حاولت تسويق مشروعا ضخما وغير تقليدي في ما يتعلق بطموحها والذي بدا في إنشاء بنك آسيا لاستثمارات البنية التحتية، وبخطوات نشطة سعت بكين إلى ضم أكبر قدر من الحلفاء إليه إما بكسب تأييد مادي وإما معنوي وسياسي، وهنا فإن بنك آسيا الذي تنوى الصين إنشاءه برأسمال ضخم قدره 50 مليار دولار كدفعة أولى -ستدفعها الصين- لا يعد مجرد بنك إقليمي عادى.
النقطة المركزية التي ينبغي أن نلفت إليها نظر القارئ هي أن الصين وباكستان حليفتان سياسيتان واقتصاديتان وهذا التحالف الثاني يقف محاذيا للتحالف الهندي الأمريكي الذي يريد أن يطوق التمدد الصيني تجاه باكستان على وجه الخصوص لما تتمتع به من خاصية جيوسياسية والأهم أنها تجاور دولاً كبيرة مثل الصين والهند وإيران وكما هي بوابة منطقة آسيا الوسطى عبر موقعها على بحر العرب.
باكستان، بجانب أنها تجمعها صداقة حميمة مع جمهورية الصين، لها علاقات ممتدة مع الدول العربية والتي تقدم لباكستان المساعدات الطائلة كما تفعل ذلك الصين حتى لا تذهب عن تحالفهما شرقاً أو غرباً.
وتدليلاً على المحافظة على باكستان حتى تدور في الفلك الاقتصادي الغربي فدوماً ما تقدم مؤسساتها التمويلات للإبقاء على حلفها مثلاً هذه مؤسسة التمويل الدولية (IFC)  قد اتفقت مع بنك الفلاح للاستثمار في الأسهم بنسبة 15٪ من إجمالي رأس المال المدفوع، وهو وفقا لإشعار أرسل إلى سوق كراتشي للأوراق المالية.
واعتمادًا على الموافقات التنظيمية سيقوم البنك بإصدار أسهم في النظر في استثمارات مؤسسة التمويل الدولية، والذي سيؤدي في استثمار 67 مليون دولار. وتعتبر مؤسسة التمويل الدولية عضو مجموعة البنك الدولي ولديها أيضا خيار لشراء أسهم إضافية بحوالي 5٪ بحلول 31 ديسمبر 2015.
ولكن يبدو أن لباكستان خططًا اقتصادية خاصة، وإستراتيجية تنموية، من المأمول منها أن تعمل على تطوير البلاد على نحوٍ تجعلها تنافس القوى الاقتصادية العظمى.

فبجانب الموقع الاستراتيجي فلدى باكستان قوى بشرية قوية وأيادٍ فنية متدربة وأراضٍ زراعية شاسعة ومعادن إن قدر لها أن تستثمر في الاتجاه الصحيح ويستتب الأمن والسلام الاجتماعي فستعمل بلا شك من جعل باكستان النمر الآسيوي المرتقب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق