خبير باكستاني في لجنة تابعة للأمم المتحدة



خبير باكستاني في لجنة تابعة للأمم المتحدة
 كتبه: محمد جميل
قد يسبب ترشيح الأمم المتحدة لـ "أسماء جاهانجير" مؤخرًا بوصفها خبيرة لمباشرة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات المسلحة السريلانكية خلال الموجة الأخيرة من حربها ضد حركة نمور التاميل «إيلام» التحررية، حرجًا بالغًا لباكستان، كون سريلانكا دولة صديقة لها. أسماء جاهانجير هي محامية باكستانية مخضرمة أمام المحكمة العليا الباكستانية، والرئيس السابق رابطة نقابة المحكمة العليا في باكستانوناشطة حقوقية، طالما ناضلت على الصعيد الداخلي الباكستاني والدولي ضد اضطهاد الأقليّات الدينية والنساء واستغلال الأطفال.
لقد كانت المقرّر الخاص للجنة الأمم المتحدة بشأن حرية الدين والعقيدة خلال الفترة ما بين أغسطس 2004 إلى يوليو 2010؛ كما خدمت في السابق كمقرّر خاص للجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً. لقد ترأست كذلك لجنة حقوق الإنسان في باكستان. وبوصفها مقرّر خاص للجان الأمم المتحدة، قامت بكتابة التقارير عن السودان (دارفور) وغيرها من الدول الأخرى. إنّه لشرف عظيم بالنسبة لباكستانية أن تشارك في لجنة للأمم، غير أنّه ولكونها باكستانية لابد لها وأن تضع الحساسيات والحقائق الواقعية في اعتبارها.
لقد جاء تشريحها خبيرًا بلجنة تابعة للأمم المتحدة خلافيًا بالنسبة للدوائر السريلانكية؛فقد رأى بعض قادة المعارضة ممن يرغبون من الأمم المتحدة التدخّل في الشئون الداخلية السريلانكية والإطاحة بحكومة تحالف الحرية الشعبي المتحد، هو فقط من دعموا ترشيحها.
إنّ قادة المعارضة السريلانكية يعتقدون أنّها الطريقة الوحيدة لإسقاط الحكومة، كخطوة للأمام في طريق تغيير النظام. وفي مقابلة تليفزيونية أجرتها مع محطة (BBC)، حذّرت أسماء جاهانجيرالحكومة السريلانكية من العواقب الوخيمة إذا ما حاولت منع الناس من الإدلاء بشهاداتهم. فيما لم يتلق السريلانكيون تحذيرها المسبق على نحو جيّد، فقد اعتقد كثيرون منهم وتوقّعوا من أنّ عضوًا باكستانيًا ضمن فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة، سوف يأتي فقط لإنقاذهم. لقد اعتزمت الحكومة السريلانكية عدم السماح لأية فريق تحقيق الدخول إلى الأراضي السريلانكية خلال أي من المراحل. إنّ سريلانكا بوصفها دولة صديقة لباكستان لم تتوقّع أبدًا أنّ باكستانيًا سوف يُعارض الحكومة السريلانكية بشأن موضوع سبق لباكستان وأن دعمته فعليًا خلال تمرير قرار لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، دعمت الهند مؤخرًا الموقف السريلانكي، وعارضت أية تحقيق دولي في سريلانكا، على الرغم من حقيقة أنّ من يقف حاليًا داعمًا لموقفها هو نفسه من قدّم التمويل لحركة نمور التاميل «إيلام» التحررية في البداية. إنّ وجود مواطنًا باكستانيًا ضمن فريق تحقيق موجّه لدولة صديقة، لابد وأن يكون مصدر اهتمام بالنسبة للحكومة الباكستانية. فهي إمّا أنّ تسعى إلى شطب اسمها من فريق التحقيق أو التوضيح أمام المحافل الدولية أنّ أية تقرير تشارك أسماء جاهانجير في إعداده أو تقديمه إنّما يمثّل عملًا فرديًا، ولا يعكس بأي من الأشكال سياسة دولة باكستان. لابد لصانعي السياسة من مواجهة الأمر، لما سيكون له من آثار بالغة على العلاقات الباكستانية السريلانكية على كافة الأصعدة. لابد من التعامل مع الموقف في أقرب فرصة ممكنة نظرًا لكون اللجنة قد شرعت فعليًا في الاستقصاء، كما وأنّ فريق التحقيق على وشك إيداع تقريره الأول إلى الأمم المتحدة في سبتمبر من العام 2014.
وفي مقابلة لها مع محطة بي بي سي (BBC)، نشرتها وسائل الإعلام السريلانكية المطبوعة، حذّرت أسماء جاهانجير الحكومة السريلانكية من صد المواطنين عن التواصل مع فريق التحقيق، وأنّ أية محاولة لمنع الناس من الإدلاء بشهاداتهم سوف يكون له مردودات وخيمة على الحكومة السريلانكية. إنّ صدور مثل تلك التصريحات من مواطنة باكستانية سوف يخلق حقًا توترات دبلوماسية فيما بين الدولتين الصديقتين. تتصف أسماء جاهانجير بكونها فظّة ومتغطرسة وعامدة إلى الدفاع عن ذاتها، وصريحة (تتحدّث بلا تحفّظ)؛ ناهيك عن مؤهلاتها وخبراتها في ممارسة القانون. كما وأنّ تصريحاتها المناهضة للحكومة السريلانكية عبر مقابلتها التليفزيونية مع محطة بي بي سي، إنّما تشيرإلى مدى كونها تمييزية.
إنّ باكستان تُكنّ بالغ الاحترام للدولة السريلانكية، بوصفها صديق محل ثقة أثبتتها جميع المواقف. هذا وإنّ باكستان – حكومة وشعبًا – لتتأذى كثيرًا في كل مرة تسترجع فيها الهجمة الإرهابية الخسيسة التي ضربت فريق الكريكت السريلانكي في لاهور. لقد خطّط لتلك الهجمة الإرهابية عناصر مناهضة للدولة الباكستانيةبهدف تدمير لعبة الكريكت في باكستان، وخلق أوضاع من شأنها إفساد العلاقات الدبلوماسية فيما بين باكستان وسريلانكا.
من المعلومٌتمامًا أنّ الهند هي من أججّ وسلّح ودعم العصيان المسلح في سريلانكامن خلال تجميع عناصر التاميل الساخطة إلى حلبة واحدة. فوفقًا للتقارير، قامت الهند بتدريبهم على حرب العصابات المدنية، كما وقد سلّحتهم بأحدث الأسلحة، ثمّ أطلقتهم على المواطنين السريلانكيين الأبرياء. في حين أنّ الأمر استغرق مليًا حتى تعلّم السنهاليين المحبّين للسلام مجابهة ومحاربة مخططات دلهي الخبيثة الماحقة. وبالطبّع إنّما نتج ذلك بسبب الجهود الشديدة والإصرار المحض للقيادة السريلانكية بعزمها على إفناء حركة نمور التاميل «إيلام» التحررية، لتُنهي بذلك عقودًا من الحرب الأهلية والصراع من أجل التأسيس لوطن عرقي مستقل. لقد صنّف الانفصاليين المتمرّدين ذات مرة بأنّهم أحد جيوش العصابات الأكثر خشية على مستوى العالم، كما وأنّهم نجحوا في السيطرة على ثلث الجزيرة قبل حتى أن تشرع الحكومة في تنفيذ أي عمل هجومي.
وبينما كانت القوات السريلانكية على وشك تحقيق النصر النهائي، اقترحت الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظّمة العفو الدولية على الحكومة السريلانكية أنّ تجري حوارًا مع المتمرّدين الذين كانوا يستغّلون آلافًا من المواطنين الأبرياء لكدروع بشرية. غير أنّ الرئيس راجاباكسي قد نجح في قطع خط الإمدادات إلى نمور التاميل، بما في ذلك المورد الرئيسي لتوريد الرئيسية لنمور التاميل، والقادمة من الهند. إنّما أثار حالة السخط أن نلاحظ أنّ منظّمة العفو الدولية في تقريرها السنوي للعام 2009 قد أشارت إلى الصراعات، مدّعية أنّ: "فقد أضافت الأحداث في كل من سريلانكا وباكستان إلى رصيد انتهاكات حقوق الإنسان في القارة الأسيوية خلال هذا العام." لقد أعربت منظّمة العفو الدولية عن قلقها من المحنة التي يواجهها مئات الآلاف من اللاجئين جرّاء الحرب الدائرة في سريلانكا، ناهيك عن تشريد مليوني نسمة إثر هجمات الجيش الباكستاني على طالبان. إنّه لمنطق غريب حقًا ذلك الذي تتبناه الولايات المتحدة ودول الغرب، إزاء مطالبتهم في المقام الأول للحكومة بضرورة حماية المواطنين الأبرياء من الإرهابيين، وعندما تشرع الحكومة في تنفيذ عملياتها العسكرية، يبدؤا في استدعاء بنود حقوق الإنسان، الأمر الذي نراه يساوى تقديم الدعم للإرهابيين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق