أزمة ثقة في الحوار الدائر بين باكستان وطالبان
حالة من الترقب والتشكك تحيط بحوار الحكومة الباكستانية
مع حركة طالبان، وسط تخوف من فشل الحوار الذي ينتظر أن تبدأ الجولة الثالثة منه خلال
أيام، خاصة مع إعلان حركة طالبان انتهاء الهدنة يوم 12 أبريل الجاري، ومهاجمة الجيش
الباكستاني عددا من معاقل المسلحين في المناطق القبلية، الأمر الذي طرح أسئلة كثيرة
عن مصير الحوار وفرص نجاحه.
فقد أعلن عضو بلجنة تمثيل طالبان في الحوار مع الحكومة
الباكستانية السبت أن الحركة طلبت مهلة يومين لتقرير مكان اجتماع اللجنة السياسية في
مجلس شورى طالبان بممثلي الحكومة. وقد جاء الإعلان بعد اجتماع ممثلي طالبان بوزير الداخلية
شودري نيسار علي خان الأربعاء، حيث تقرر إنشاء لجنة فرعية مشتركة للنظر في التحفظات
والمطالب لدى الجانبين.
من جهته يقول مدير تحرير صحيفة “نواي وقت” جاويد صديقي
إن الحكومة تعيش أزمة حقيقية بسبب اصطدام شروط حركة طالبان بمعارضة الجيش، بعد أن طالبت
الحركة بالإفراج عن مئات المعتقلين من عناصرها، بينما يعتبر الجيش الإفراج عن أي شخص
تورط في قتل جنوده خطيئة لا يمكن السماح بها سواء من الناحية القانونية أو من الناحية
المعنوية الخاصة بالجيش.
ويضيف صديقي في حديثه للجزيرة نت ”كيف سيطلب أي قائد
عسكري من جنوده مقاتلة الإرهابيين إذا كان من يعتقل من قتلة الجنود يخرج بعد فترة بحجة
دعم محاولة الحكومة لإنجاح الحوار؟”.
ويشير صديقي إلى أن المطلب الثاني لطالبان والمتمثل
في منحها منطقة خاصة تدعى منطقة سلام لا يهاجم فيها عناصر الحركة، هو مطلب يعني الانسحاب
العسكري من هذه المنطقة دون أي ضمانات لما ستفعله طالبان داخلها، لذا فالجيش لا يريد
أن تتحول منطقة تسمى منطقة سلام إلى “ساحة تأسيس إمارة لطالبان الباكستانية تقيم فيها
حكومة محلية وتؤوي فيها الإرهابيين وتدربهم”.
من جهته يرى الباحث بمركز دراسات المناطق القبلية منصور
محسود أن الحوار بين الحكومة وطالبان لن ينجح بسبب فقدان الثقة بين الجانبين، فحتى
خلال فترة الهدنة أعطت الحكومة ضوءا أخضر لعمليات الشرطة والجيش ضد عناصر طالبان في
المدن والأقاليم المختلفة، وبالمقابل لا تمانع الحركة من شن الهجمات التي تنفذها مجموعات
منشقة عنها أو حليفة ضد أهداف مدنية وعسكرية.
ويشير محسود إلى أن طالبان رغم دخولها في عملية الحوار،
تعد العدة لمواجهة عملية عسكرية شاملة تعتقد أنها ستأتي مهما تأجلت، ويعتبر أن موضوع
الحوار أصبح مجرد أداة بيد الجانبين للحصول على بعض المطالب كتبادل السجناء وكسب الوقت
تحضيرا لمواجهة جديدة.
وتواجه الحكومة الباكستانية معارضة حادة من المعارضة
البرلمانية بقيادة حزب الشعب الذي أطلق عمليات عسكرية ضد طالبان خلال فترة حكمه، كما
أن الحزب الذي يحكم إقليم السند يحمّل طالبان مسؤولية الهجمات التي كان آخرها يوم الجمعة،
ويطالب الحكومة المركزية بعملية عسكرية شاملة ضد ما يصفه بالإرهاب.
ويرى جاويد صديقي أن موقف حزب الشعب ليس سوى “مناورة
سياسية تهدف إلى انتقاد نهج حكومة نواز شريف، فحكومة حزب الشعب لم تفلح في تحقيق السلام
سواء بالمباحثات أو بالعملية العسكرية، ولكنها الآن تشكك في نهج الحكومة لكسب نقاط
سياسية”.
لكن منصور محسود يرى أن توجه حزب الشعب نابع من خوف
من مهاجمة قياداتها من حركة طالبان، إذ إن مجرد سعي حكومة حزب شريف للسلام مع طالبان
يجعله بعيدا عن الاستهداف، بينما لا يزال قياديو حزب الشعب على رأس قائمة المرصودين
من طالبان، وهذا يمنع الحزب من التحرك بحرية في مختلف المدن ويعزله بوصفه خادما لأجندات
أجنبية في حربه ضد طالبان لسنوات.
0 التعليقات:
إرسال تعليق