فورين بوليسي للغرب: لا توهموا أنفسكم بالسيطرة

فورين بوليسي للغرب: لا توهموا أنفسكم بالسيطرة
اهتمت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بقرار واشنطن بتسليح المعارضة السورية, وذكرت بمخاطر مثل تلك الخطوة والتي سبق تجربتها مع من أطلق عليهم "المجاهدين" في أفغانستان.
وتحدثت مع ميلتون بيردن -وهو عميل مخضرم بوكالة الإستخبارات المركزية منذ 30 عاما, ولديه معلومات عن تزويد المجاهدين بالسلاح باعتباره عمل كضابط ميدانى فى باكستان وأفغانستان من 1986 إلى 1989.
وأشرف ميلتون على برنامج الثلاثة بليون دولار السرى لتسليح المجاهدين الأفغان لمحاربة الاستعمار السوفييتى وهو البرنامج الذى أصبح نموذجا فريدا فى كيف يمكن أن يكون لتسليح المجاهدين نتائج غير محسوبة فور انتهاء الحرب.
ومع الإعلان عن خطط الولايات المتحدة للبدء فى تزويد المجموعات المتمردة فى سوريا بأسلحة صغيرة يتحدث بيردن بدون مواربة عما يجب أن نتعلمه من تجربة وكالة الاستخبارات المركزية خلال الثمانينات فى أفغانستان, "الدرس المستفاد هنا أنه بمجرد ما بدأنا نمد المجاهدين بأى شيء فمن الجيد أن نفهم انهم لو حققوا نصرا فنحن نملكه". وأضاف في تصريحات للمجلة أن: "كبار المتحمسين فى الكونجرس الأمريكى لهذا العمل (إمداد السلاح) ليسوا منتبهين لهذا. أكبر الدروس المستفادة من الشأن الأفغانى أنه على مدار عشر أعوام أمددنا بكل هذه المواد وغادرنا فور مغادرة السوفييت, نفس الكونجرس الذى كان يحتفى بالمجاهدين الشجعان من أجل الحرية ضد الاحتلال السوفييتى - وقد كانوا فعلا شجعانا وعانوا بوحشية - فقط رحلوا فورا ولم يعطونهم شيئا .لو بدأنا تسليح أى شخص فى هذا المشروع فإن ذلك يعنى ضمنيا اننا نملكه بمجرد أن يسقط نظام الأسد".
يعتقد بيردن أيضا أن الإدارة الأمريكية يجب أن تفكر مليا قبل تقديم الأنظمة المضادة للطيران الذى يطالب بها المجاهدين السوريين ."لو قمت بهذا, فلا تقنع نفسك بأنك مسيطرا," كما قال بيردن ."كان الشئ المناسب أن تزود الأفغان بصواريخ ستينجر. لقد كان ذلك ضرورة أخلاقية. وإلا فإننا كنا فقط نحارب حتى أخر أفغانى ونتركهم يموتون بقدر أكبر قليلا من الكرامة. وبالفعل قلبت صواريخ ستينجر الأمور رأسا على عقب وأجبرت الروس على تغيير تخطيطاتهم, ولكن لا يزال يوجد هناك بعض الصواريخ التى تبقى هناك بدون عمل الكثير والأسلحة التى تطلق من على الكتف هى حقا شئ يستحق التفكير وفى أى أيدى ستقع؟"
منذ العام الماضى أشارت تقارير وسائل الإعلام إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية متورطة بالفعل فى عملية "التدقيق" فيما تتلقاه المجموعات المتمردة من مساعدات من دول الجوار وفصل المقاتلين السوريين المقبولين من هؤلاء الذين يتبعون تنظيم القاعدة أو غيرهم من المتشددين المناهضين للغرب. تبعا لتجربة بيردن تمييز "الجيد" من "السيئ" من المجاهدين مهمة صعبة.
هذا جهادهم هم ولديهم أجندتهم الخاصة, وجدول أعمالنا الآن هو زيادة الضغوط على بشار الأسد. بينما المجاهدون لديهم أجندة تذهب إلى أبعد من هذا, وبالتأكيد إلى أبعد مما يفهمون فى كابيتول هيل (الكونجرس الأمريكى)."
على أى حال, مثل ذلك التدقيق له فائدة محدودة, بحسب بيردن, لأنه "بمجرد البدء فى تسليح أي مجاهد يضم أحزاب متفرقة فى نفس الجهاد ضد عدو مشترك يجب عليك أن تفهم أن المواد التى تعطيها لمجموعة من اختيارك سيتم بيعها والمتاجرة بها والمقايضة بها مع معظم اللاعبين الآخرين".
وأضاف بيردن أن طبيعة العملية تحدد أيضا نوع البنادق التى سترغب فى إرسالها, ففى أفغانستان كان برنامج المساعدات الأمريكية سريا, ومع ذلك بدا أن العالم كله يعرف. وعليه فقد اختارت وكالة الاستخبارات المركزية أن تمد المجاهدين بأسلحة كلاشينكوف AK-47s سوفيتية التصميم وتم شراؤها من الصين ومصر ليحافظوا على سياسة الإنكار المقبولة. ولكن أسلحة حلف وارسو أيضا كان لها ميزة تكتيكية بما أنها قابلة للتشغيل المتبادل مع الأسلحة الموجودة بالفعل فى الميدان: لو استولى المجاهدون على مخزن ذخيرة سوفييتية يمكنهم فقط أن يضعوا الرصاصات فى بنادقهم التى أمدتهم بها الولايات المتحدة.
ولأن الرغبة في تسليح المجاهدين الذين يقاتلون جيش الأسد المدعوم من إيران وروسيا معلنة, يقترح بيردن أن يتم تزويد المجاهدين بأسلحة أمريكية الصنع لمزيد من السيطرة على كيفية استخدامها.
وقال: "بما أن هذا ليس شيئا سريا ونحن لا نسعى لإخفاء تدخل الولايات المتحدة فى ذلك, يمكن أن نحد من سهولة نقل الأسلحة التى توفرها لو كنت تنوى عدم استخدام معدات حلف وارسوو". وأضاف: "لو كان لديك مجموعة معينة أردت تسليحها ولا تريد أن تقع هذه الأسلحة فى أيدى الجماعات الأخرى, يمكنك أن تعطيهم معدات أمريكية. الذخيرة لن يمكن استبدالها بتلك الموجودة بأرض المعركة الآن. وعندئذ يمكنك أن تتحكم بما يحدث عن طريق مراقبة واستمرار أو وقف توريد الذخيرة إلى تلك الأنظمة."
لكن بخلاف التكتيكات, يقول بيردن أن أكبر دروس أفغانستان على الإطلاق هو البدء بالتخطيط لكيفية التعامل مع النتائج قبل أن تبدأ فى إرسال أسلحة, حيث يعتقد أن هذا كان يمكن أن يوفر على أمريكا وأفغانستان سنوات من الحزن .
وأوضح أنه خلال تلك الحرب "فقدنا مليون قتيل ومليون ونصف جريح و5 ملايين شخص تم إجبارهم على اللجوء فى باكستان وإيران وربما مليون ونصف شخص شردوا داخليا وبلد مدمر بالكامل - أهكذا نكون قادمون للمساعدة؟!.
وأضاف: "كانت هناك سبعة أحزاب متفرقة وعندما رحلنا فعلوا ما كان طبيعيا - (هم) بدأوا الاقتتال على كعكة صغيرة جدا. والآن اضطررنا للعودة هناك فى المقام الأول بسبب ذلك واضطررنا أن ننفق ما يقارب تريليون دولار, ليس لدى فكرة عما كان يمكن أن يكلفنا هذا فى 1989 ولكنى متأكد أنه لم يكن ليقترب من التريليون دولار."

يعتقد بيردن أيضا أنه ينبغى على الساسة الأمريكيين ألا يعيشوا تحت أوهام من سيتحمل مسئولية ما سيحدث فى سوريا فى نهاية المطاف: لا تقولوا إنه تحالف مع البريطانيين والفرنسيين.. فقد كان لدينا ائتلاف دعم الأفغان ضد السوفييت; كان لدينا المملكة المتحدة ; كان لدينا السعوديين; كان لدينا الصينين بحق الله! ولكن عندما انتهى الأمر رحلنا."

0 التعليقات:

إرسال تعليق