"طريق الحرير"جسر ثقافي ساعد علي انتشار الإسلام في الصين

يحتل طريق الحرير مكانة كبيرة في تاريخ علاقات مصر والعرب العالم الإسلامي بالصين، حيث كشف الدكتور محمود رمضان مَرّكَزُ الخَلِيجَ للبُحوثِ وَالدّرَاسَاتِ التَّارِيخيَّةِ وخبير الآثار والعمارة الإسلامية عن دور كبير لعبه طريق الحرير الصيني في توثيق ودعم العلاقات التاريخية بين الصين والعرب, كان لطريق الحرير أثر كبير في نشر الإسلام وازدياد عدد المسلمين بالصين, مشيرا إلي أن ذلك كان موضوع بحث له بعنوان"طريق الحرير من حلب إلى الصين وأثره فـي نشر الإسلام وبناء المساجد بالصين"
وتابع رمضان لصدي البلد: طريق الحرير ساعد في إنشاء العديد من المساجد في جميع مناطق الصين، ولقد دخل الإسلام في الصين في عهد أسرة تانغ (618-907م)، أسرة سونغ (960-1279م)،أسرة يوان (1206-1368م) وأوائل أسرة مينغ (1368-1644م) ،وأنتشر علي نطاق واسع في الصين في أواسط وأواخر أسرة مينغ ،وساهمت القوميات الإسلامية في مجري توطين الإسلام في الصين وهي عشر قوميات (قومية الويغور، قومية القازاق، قومية قرغيز، قومية الأوزبك، قومية الطاجيك، قومية التتار، قومية هوي، قومية سالار، قومية دونغشيانغ، قومية باوآن).
وتاريخيا طريق الحرير هو مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن وتمرّ عبر جنوب آسيا, وأخذ المصطلح من الألمانية حيث أطلقه عليه الجغرافي الألماني فريديناند فون ريتشتهوفن في القرن التاسع عشر,وكان لطريق الحرير تأثير كبير على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الصينية والحضارة المصرية والهندية والرومانية, ويمتد من المراكز التجارية في شمال الصين حيث ينقسم إلى فرعين شمالي وجنوبي, ويمرّ الفرع الشمالي من منطقة بلغار-كيبتشاك وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولاً بالبندقية, أمّا الفرع الجنوبي فيمرّ من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين وكردستان والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا.
ويشير الأستاذ الدكتور محمد هشام النعسان أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية في معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب إلي أن الصينيين اكتشفوا صناعة الحرير في حدود سنة 3000 قبل الميلاد، وعرفوا في هذا الوقت المبكر فنوناً مبهرة لإتقان صنعته وتطريزه, وقد أذهلت هذه الصناعة عقول الناس قديماً، فسعوا لاقتناء الحرير بشتى السبل، حتى أنهم كانوا يحصلون عليه مقابل وزنه بالأحجار الكريمة, وقبل خمسة آلاف سنة، بدأ الحرير يأخذ طريقه من الصين إلى أرجاء العالم.
ويوضح في بحث له أن مسارات طريق الحرير انتظمت منذ القرن الخامس قبل الميلاد،وظلت منتظمةً لألف وخمسمائة سنة تالية، كان طريق الحرير خلالها معبراً ثقافياً واجتماعياً ذا أثر عميق في المناطق التي يمر بها. لم يتوقف شأن طريق الحرير على كونه سبيل تجارة بين الأمم والشعوب القديمة، وإنما تجاوز (الاقتصاد العالمي ) إلى آفاق إنسانية أخرى، فانتقلت عبره (الديانات) فعرف العالم البوذية وعرفت آسيا الإسلام, وانتقل عبره (الورق) فحدثت طفرة كبرى في تراث الإنسانية مع النشاط التدويني الواسع الذي سَهَّل الورقُ أمره.غير أن النشاط الاقتصادي، ظل دوماً هو العاملُ الأهم.
وكشف أنه في عام 1877، أطلق العالم الجغرافي الألماني F.Von Richthofen على طريق المواصلات لتجارة الحرير بشكل رئيسي فيما بين الصين في أسرة هان وبين الجزء الجنوبي والغربي لآسيا الوسطى والهند اسم "طريق الحرير". ويقصد بـ" طريق الحرير" هو خط المواصلات البرية القديمة الممتد من الصين وعبر مناطق غرب وشمال الصين وآسيا كلها إلى المناطق القريبة من إفريقيا وأوروبا،وبواسطة هذا الطريق، كان تجري التبادلات الواسعة النطاق من حيث السياسة والاقتصاد والثقافة بين مختلف المناطق والقوميات.

المصدر : صدى البلد

0 التعليقات:

إرسال تعليق