أراكان ما بعد استقلال بورما


أراكان ما بعد استقلال بورما

بوذيون يعتدون على مسجد
في 4/1/1948م حصلت بورما الاستقلال الكامل، وقام المستعمر البريطاني بضم إقليم أراكان المسلم رسميا إلى بورما البوذية إثر انسحابه من المنطقة على الرغم من محاولات مسلمي أراكان وإنكارهم للاتفاقية التي تمت بين بريطانيا وبورما وهي اتفاقية تفقد الشرعية والدستورية خاصة أن أراكان هي في الأصل دولة مستقلة، ومع ذلك فقد نصت تلك الاتفاقية على إعطاء حق تقرير المصير للروهنجيا بعد عشر سنين، والذي لم يعط بعد.
وكان بعد إعلان استقلال بورما ضمت الحكومة الجديدة وزيرين مسلمين واثني عشر عضوًا مسلمًا في البرلمان البورمي، فزعم المسلمون أن هذا الوضع الجديد سيؤدي إلى تحقيق المساواة بين جميع القوميات في بورما بغض النظر عن اختلاف الأديان. ولكن سرعان ما خاب هذا الأمل بسبب تجاهل رئيس بورما البوذي لحقوق المسلمين المشروعة. وأصدر إعلانا بأن "اسم بورما مأخوذ من بوذا وهي للبوذيين فقط  أينما كانوا، وإن على المسلمين إذا أرادوا البقاء في بورما أن يقبلوا تغيير حروف القرآن إلى الحروف البورمية بدلا من الحروف العربية، وأن يكون الزواج متبادلا بين المسلمين والبوذيين، وأن يتسمى المسلمون بأسماء بوذية، وأن تخلع النساء المسلمات الحجاب الإسلامي"، قصد بذلك الإعلان إفساد عقيدة المسلمين وتذويب شخصيتهم المستقلة، خاصة مسلمي أراكان.
ولما رفض المسلمون تلك المبادئ المعلنة اتهموا بتقويض وحدة الأمة البورمية، فطرد الآلاف خارج حدود بورما وشردوا في مختلف بلاد العالم دون مأوى ولا وطن ولا تعليم.
بدأ البوذيون بمجزرة كبيرة ضد آلاف المسلمين في أراكان بعد أن استولوا على السلطة السياسية كاملة بعد استقلال بورما، كما قاموا بإحراق قراهم ونهب أموالهم، ذكريات المجازر والجرائم الوحشية التي ارتكبتها القوات البورمية ضد المسلمين الروهنجيا في أراكان قد تقشعر بها جلود المسلمين حتى اليوم.
كان القضاء على الإسلام هو هدف السلطات البورمية الأساسي لتأكيد البرمنة، ولإبعاد المسلمين عن الإسلام اتخذت ضدهم خطوات حاسمة شديدة حتى اضطر كثير من المسلمين إلى ترك التقاليد والمثل الإسلامية واختيار الثقافة البوذية إنقاذا لأنفسهم من المحاكمات والمشاكل والتحقير.
ومن نتيجته أنه يوجد اليوم في بورما (ما عدا أراكان) عدد ملموس من المسلمين والمسلمات الذين تثقفوا بالثقافة البوذية وحضارتها.  حتى توجد بعض منهم من اعتنق الديانة البوذية رسميا، لكن هذه السياسة البرمنية فشلت في أراكان نهائيا، ولم تقدر السلطات على إرغام أحد من المسلمين الروهنجيا على اعتناق الديانة البوذية، وهكذا غير البوذيون البورميون اتجاههم إلى قمع المسلمين الروهنجيا جسميا لإبادتهم تماما من أرض أراكان.
استشعر البورميون أن وجود المسلمين في أراكان في صورة أغلبية ملموسة خطر لسيطرتهم على المسلمين، كما اطلعوا على هذه الحقيقة بأن المسلمين لو تركوا بدون أي تضييق عليهم لغلبوا على البوذيين الكسالى خلال بضع عشرات من السنين والذي ينتج منه فشل سلطة البوذيين واحتلالهم على المسلمين وأراضيهم. فلذلك قاموا لحصول هدفهم المقرر بتطبيق خططهم العدوانية ضد المسلمين قبل الحصول على الاستقلال وما بعده.
وفي عام 1962م بلغت مأساة شعب أراكان ذروتها عندما تولى الجيش البورمي الشيوعي مقاليد الحكم في بورما بقيادة جنرال "نيوين". فمنذ ذلك اليوم والمسلمون في أراكان يعانون كل أشكال القهر والاستعباد والقمع والإرهاب من قبل السلطات الشيوعية والعسكرية ومن قبل الأقلية البوذية المدعومة بقوة الدولة البوذية. ونتيجة عن المظالم اضطر نحو 250 ألف مسلم إلى مغادرة الوطن واللجوء إلى بنغلاديش المجاورة عام 1978م.
وفي عام 1982م تم إلغاء جنسية المسلمين بموجب قانون جديد للمواطنة، وكان هذا القانون خادعا وغير مشروع ومتنازعا عليه في الغاية.
عندما سقط النظام الشيوعي بعزل الدكتاتور نيوين  عام 1988م  بعد أن حكم الدولة 26 عاما، زعم الكثير أن وضع المسلمين سيتحسن إذا رجع النظام الديمقراطي في الدولة بيد "أونغ سان سوكي- زعيمة الديموقراطية وبنت  "أونغ سان" مؤسس "بورما". ولكن الجيش استولى على عرش الدولة من جديد، وقتل مئات من مؤيدي الديمقراطية على مستوى البلاد.
وفي عام 1991م تفاقمت الأوضاع أكثر، استغلت حكومة بورما العسكرية انشغال العالم الإسلامي بالحرب الخليجية، وأقامت المجازر والمذابح التي تجاوزت كل الحدود، فلم ترحم طفلا رضيعا أو شيخا مسنا أو امرأة كسيرة، هدموا البيوت والمساجد التاريخية القديمة، فهجر أكثر من350.000 مسلم إلى بنغلاديش المجاورة.
إن المهاجرين الذين يعيشون حتى الآن في مخيمات اللاجئين بجنوب بنغلاديش يعانون من شدة الجوع، ولأجل ذلك يضعفون صحيا تدريجيا، ويشيع فيما بينهم أمراض خطيرة.
لقد حدثت حادثة مؤلمة في تونغو -مدينة في بورما الوسطى- بتاريخ 22 و 23 من شهر مايو عام 2001م. بدأت الحادثة أولا بين المسلمين والرهبان البوذيين فأعلنت السلطة العسكرية بكارفيو (حظر التجوال) في المدينة. ونتيجة الشغب تم تدمير المسجد المركزي كاملا، وقتل كثير من المسلمين مع زعيمهم، وأخيرا تبين أن هؤلاء الرهبان ليسوا في الحقيقة رهبانا، وإنما كانوا أعضاء القوات العسكرية، لبسوا زي الرهبان لإثارة الفتنة والشغب بين المسلمين والبوذيين، وبالتالي قتل المسلمين الأبرياء.
المصدر : أراكان أون لاين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق