جحيم الأفارقة في إقليم البنجاب

جحيم الأفارقة في إقليم البنجاب بالهند

خلف توقيف واحد وعشرين طالبا كنغوليا من قبل شرطة مدينة جلندهار، الواقعة شمال غربي الهند، استياء كبيرا بين الأفارقة الموجودين في إقليم البنجاب. هناك يندد الكنغوليون بجو من العنصرية لا يحتمل.
 وقد تم توقيف مجموعة الطلاب الكنغوليين يوم السبت 15 يونيو عند محطة حافلة بالقرب من جامعة لوفلي-بروفشيونل حيث يتابعون دراستهم.
 وبقيت أسباب توقيفهم غير واضحة: فقد روى ممثل شرطة جلندهار أن أعوان الأمن كانوا بصدد البحث في حادثة سرقة أمتعة سفر وقعت قبل يوم حول نفس المحطة، وأرادوا التحقق من هويات طلاب أصيلي الكنغو، لكن يبدو أن هؤلاء رفضوا الامتثال لأوامر الشرطة وعمدوا للضرب وحتى أنهم، حسب التقرير البوليسي، قاموا بتهشيم كاميرا لصحفي كان حاضرا في عين المكان. وتداولت وسائل الإعلام الهندية هذه الرواية.
 في تقرير أرسل إلى سفارة الكنغو في نيودلهي، تتحدث "مجموعة كنغوليي الهند" من جهتها، عن استفزازات عنصرية وتهديدات وجهتها مجموعة من الهنود إلى طالب كنغولي، استنجد الطالب على أثرها برفاقه فاندلعت المعركة، وقامت الشرطة بإيقاف الأشخاص الهنديين والكنغوليين الذين شاركوا فيها، إلا أنه،عند نهاية مدة الرقابة، أطلقت الشرطة سبيل جميع الهنود خلافا للكنغوليين.
بعد مثولهم المباشر أمام المحكمة قرر وضع الطلاب الكنغوليين في حالة حجز احتياطي لمدة أربعة عشر يوما وهي المدة القانونية القصوى، ستتم على إثرها محاكمتهم. وتقول "مجموعة كنغوليي الهند" التي أعلنت أنها قامت بزيارة المسجونين أن "ظروف حبس [الكنغوليين] غير إنسانية وأنهم يشتكون من تعرضهم إلى التعذيب وإلى السب بكل أنواعه".
 وقد اتصلت فرانس 24 بالسكرتير الأول لسفارة الكنغو بالهند، جان باتيستكاسنغو، الذي "ندد بشدة بما حصل" واستغرب من كون المحاكمة لم تشمل غير الكنغوليين، كما أنه طالب "بمحاكمة عادلة" وتهكم مما جعل أعوان الأمن يعتقدون أن "المجرمين لا يمكن أن يكونوا غير الكنغوليين". ودعت فرانس 24 أيضا وزارة الداخلية الهندية إلى الإدلاء بتصريح إلا أنها لم تجب إلى حد الآن عن أسئلتنا. وسوف ننشر ردها حالما يصلنا.
"يستفزوننا لأنهم يعلمون أن الشخص الأسود هو الذي يتعرض للمساءلة في كل الأحوال"
كيتا (اسم مستعار)، طالب في الإعلام في جامعة لوفلي- بروفشيونلبجلندهار. كان من بين الكنغوليين الموقوفين لكنه تمكن من الفرار من محافظة الشرطة حيث كان أعوان الأمن يستجوبونه
الطالب الذي وقع التعدي عليه من قبل الهنود عندما اندلعت المعركة، هو أحد أصدقائي. كان يسحب بعض النقود لما توجهت سيارة إلى حيث كان و"صدمته". وهذه "الصدمات" بالسيارة ضد الأفارقة تحدث بكثرة في البنجاب، فهي طريقة للتخويف والاستفزاز بغية دفعنا إلى ارتكاب خطأ، فهم يعلمون أن الشخص "الأسود" هو الذي يتعرض للمساءلة في كل الأحوال.
احتج صديقي على ما تعرض له فنزل الأشخاص الهنديون من السيارة وفي أيديهم عصي لعبة الكريكت وقالوا له أنهم سيقضون عليه. حينها استنجد بنا، فالتحقنا به للدفاع عنه، ومنها تأزم الوضع [لم تتمكن فرانس 24 من التحقق من صحة هذه الرواية – ملاحظة من لجنة التحرير] .
لما أوقفنا أعوان الأمن لم يُبدوا أي عنف تجاهنا، لكن حالما وصلنا إلى محافظة الشرطة عمدوا إلى التهديد أكثر فأكثر، تمكنت من الفرار جريا بعدما غافلت أحد الأعوان. وأنا أجري، سمعت صراخ أصدقائي ورأيت عن بعد أعوان الشرطة يضربونهم.
 "يتوجهون إلينا بتقليد أصوات القردة"
 في ذهن الهنود، بما فيهم أعوان الشرطة هنا، الشخص الأسود مشبوه، فنحن عرضة دائما إلى الاتهامات بكوننا مروجي مخدرات أو شريبي كحول، بحيث لا أقدر أن أعرض نفسي على كشف طبي دون أن يسألني الطبيب عما إذا كنت أتعاطى مخدرات.
غالبا ما يتوجه إلينا الهنود مستعملين كلمة "كالو" ["زنجي" باللغة الهندية - ملاحظة من لجنة التحرير] ومقلدين أصوات القردة. ثم أن أي عمل يومي هو أصعب بالنسبة لنا، فعندما نقوم بمساعي إدارية مثلا غالبا ما يستقبلنا أعوان يكلموننا باللغة الهندية ويسخرون منا، أو يقولون لنا أن عدد السكان في الهند ضخم وأن علينا أن نرحل من هنا.
"وكأن الأسود بالنسبة لهم ملعون من الآلهة"
يأتي الأفارقة إلى الهند لأن الحصول على تأشيرة الدراسة سهل خاصة في مجالات الإعلام والتكنولوجيا. ويتراوح عدد الأفارقة في جلندهار بين 500 و600 شخص منهم خمسون كنغوليا. والبنجاب ولاية متدينة كثيرا [60% من سكان البنجاب هم من السيخ، وأهم الأماكن المقدسة بالنسبة للسيخية، وهو معبد الذهب، يوجد في هذه الولاية - ملاحظة من لجنة التحرير] وبصفة عامة نظرتهم إلى الأجانب سلبية جدا فهنا يوجد انكماش على الهوية، أكثر مما نلاحظه في مناطق أخرى من الهند.
حقا، وكأن الأسود بالنسبة لهم ملعون من الآلهة، وكأنه جُعل ليكون عبدا بينما الأبيض علامة نجاح. هنا أصبحت البنجاب جحيما بالنسبة للأفارقة السود بسبب عدم التسامح والعنصرية. والأمر أقل حدة في نيودلهي حيث يوجد أكثر تنوعا في الانتماءات الثقافية بين السكان.
 وهذه لم تكن أول مرة يتعرض فيها شخص أسود إلى عنف الهنديين في البنجاب، ففي شهر أبريل 2012 تم تعنيف شاب بورندي ضربا مما أدى إلى بقائه في غيبوبة مدة تسعة أشهر. والوضع حاليا على قدر من الخطورة حتى أنه تم التفكير في نقل كل الطلاب الكنغوليين الذين لم يبلغوا السنة الأخيرة من دراستهم إلى جامعات في نيودلهي بغية حمايتهم.

 وقد دفع هذا الوضع كل الأفارقة في جلندهار إلى التجمع ووضع برنامج تحركات للتنديد بالمظالم التي نعيشها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق