صناديق الشر

صناديق الشر

في مقالنا السابق تعرضنا لدور المسئولين الباكستانيين في الاستعانة بالموساد؛ طلبًا للحماية نغوص اليوم في صناديق الشر في باكستان، منطقة القبائل وكشمير، التي تحوي مختلف أنواع الشرور والمخاطر، وقد خاطرت أمريكا كثيرًا عندما أقدمت على فتح هذين الصندوقين.
وقد أصبحت منطقة القبائل على الحدود الباكستانية - الهندية ومنطقة كشمير على الحدود ذاتها، مصدرًا للتوتر، وقد وُصفت بأنها صناديق الشر، فبالنسبة لمنطقة القبائل فقد اشتعلت فيها التوترات والنزاعات بسبب تداعيات عدوى الحروب الأمريكية في أفغانستان، أما منطقة كشمير فقد ظلت بالأساس متوترة بسب الصراع عليها بين الهند وباكستان.
وبرغم المسافة الجغرافية الفاصلة بين المنطقتين فإن حسابات الصراع في شبه القارة الهندية قد جعلت من المنطقتين أشبه بالبركان الجيو- سياسي الواحد، وهو أمر تعكسه بكل وضوح كافة معدلات حسابات الصراع في المنطقة، حيث الحركات الإسلامية في المنطقتين. ويتميز سكان المنطقتين بالتمسك بالدين إضافة إلى العداء الشديد للنظامين الهندي والباكستاني الحليفين لأمريكا. كما تتميز المنطقتان بالطبيعة الجبلية الوعرة على النحو الذي جعل منها منطقة صالحة للاستخدام كمسرح ملائم لشن حرب العصابات، في ظل تعرضهما لفراغ السلطة أو القوة، وذلك لجهة عدم قدرة باكستان على فرض سيطرتها على منطقة القبائل، وعدم قدرة النظام الهندوسي فرض سيطرتهما على إقليم كشمير المحتلة. ومن هنا فإن منطقة القبائل وكشمير تلعبان دور صناديق الشر التي تحوي مختلف أنواع الشرور والمخاطر، وقد خاطرت الولايات المتحدة كثيرًا عندما أقدمت على فتح هذين الصندوقين.
وعلى هذه الخلفية برز دور المخابرات في محاولة إدارة الصراعات الجزئية في المنطقتين بما يترتب عليه تعزيز قدرتها في إدارة الصراع الكلي في المنطقة، ومن أبرز هذه الأطراف نشير إلى:
* جهاز المخابرات الهندي (RAW ): ويعمل ضمن أربعة محاور، الأول: محاربة الحركات الإسلامية داخل الهند لمنع حدوث الصراع بين المسلمين والهندوس. والثاني: محاربة الحركات الإسلامية الناشطة داخل كشمير بما يضعف احتمالات ضم المنطقة إلى باكستان. والثالث: أفغانستان لضمان إضعاف الدور الباكستاني فيها. والرابع: إضعاف الصين وتعزيز دور المتمردين البوذيين التبتيين بقيادة الدالاي لاما انطلاقًا من الهملايا الهندية.
* ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA ): وتتمثل في الطرف الثالث الذي يقوم بدور القاسم المشترك الأعظم في كل هذه الصراعات التي تحاول حاليًا إدارتها بما يحقق الآتي:
- القضاء على الحركات الإسلامية في المنطقة.
- إضعاف صعود الصين كقوة عظمى.
- ضبط قدرات الهند ضمن حدود وجودها كقوة إقليمية يكون دورها مشروطًا بالقيام بتهديد الصين وردع باكستان ومحاولة استغلالها وتوظيف قدراتها في الساحة الأفغانية.
- ضبط قدرات باكستان ضمن حدودها الحالية وعدم السماح بصعود الحركات الإسلامية إلى السلطة في إسلام آباد مع استخدامها بقدر الإمكان في ردع الهند.
* وجهاز المخابرات الإسرائيلية (MOSAD ): وهو الطرف الثالث الأخطر في المنطقة، ونشير هنا إلى الآتي:
- تغلغل الموساد في مسارح الصراع الرئيسة الثلاثة: الهندي - الباكستاني - الأفغاني.
- تركيز الموساد على تنفيذ العمليات السرية بالوكالة في المسارح الثلاثة.
- تمتع الموساد بحرية الحركة لجهة تنويع الاستهدافات؛ بحيث يقوم بعمليات ضد الحركات الإسلامية لتأليبها على القوات الأمريكية وعمليات ضد القوات الأمريكية لتأليبها على الحركات الإسلامية.

منشور في صحيفة الرحمة العدد 82

0 التعليقات:

إرسال تعليق