تركستان الشرقية: الصين تطلق حملة على "الإرهاب" لمدة عام!

تدين المسلمين يعني الإرهاب لدى السلطات الصينية
تركستان الشرقية: الصين تطلق حملة على "الإرهاب" لمدة عام!
كتب - هاني صلاح
أعلنت الصين السبت 24 مايو انطلاق حملة لمدة عام كامل ضد ما أطلقت عليه "الإرهاب"، وتقصد بذلك من تصفهم بالمتشددين من أبناء العرقية الأويغورية المسلمة التي تعيش في إقليم تركستان الشرقية التي تسميه الصين "شينجيانج" أي "المستعمرة الجديدة" في شمال غرب البلاد.
الحملة الصينية التي تأتي في أعقاب حادثة الانفجار بأحد أسواق العاصمة التركستانية أرمتشي/أورمتشي (Urumqi)، في 22 مايو الجاري، حملت شعار "ضرب المتطرفين بلا شفقة".
يشار إلى أن العاصمة "أورمتشي"، تعد مدينة صناعية متطورة وهامة جداً في المنطقة، كما تكمن أهميتها في كونها نقطة اتصال بين المناطق التركستانية، وتعد أهم مدينة على طريق الحرير التاريخي، وتزيد نسبة المستوطنين الصينيين من عرقية الهان البوذية عن 80? من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 4 ملايين نسمة.
وقبل هذه الحادثة الأخيرة بأيام معدودة، وفي سياق أحداث العنف المتصاعدة في المنطقة، أعلنت السلطات الصينية منطقة "تركستان الشرقية" منطقة "إرهاب"!.. وهو ما دفعها لتحريك قوات الجيش لمحاصرة تجمعات المسلمين والقيام بحملات تفتيش واعتقالات واسعة النطاق.
وحول مدى صحة اتهام السلطات الصينية لمسلمي الأويغور بأنهم من نفذ هذه الانفجارات التي توالت على المنطقة في الفترة الأخيرة، قال لـ"الأمة"، الناشط التركستاني "عبد العزيز عزيزي"، بأنه: وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة لمسئوليتها عن حادث الإنفجار؛ إلا أن السلطات الصينية سارعت بتوجيه الاتهام لأفراد من مسلمي الأويغور بأنهم من دبر الحادث".
وتابع "لكن معروف مسبقاً وقبل أي حادثة إرهابية بأن الصين لديها تهم جاهزة غالباً ما تقوم بتلفيقها للمسلمين الأويغور، كما يتم كل هذا في غياب أي جهات تحقيق محايدة ومستقلة يمكن من خلالها معرفة الحقيقة.
وأشار إلى أن السلطات الأمنية في البلاد "فرضت تعتيماً إعلامياً كاملاً على حقيقة ماجرى في حادثة الانفجار كما أخفت هويات الضحايا". موضحاً بأنه: "وبحسب المعلومات الواردة من قبل المتابعين لشئون تركستان الشرقية، فإن السوق يتردد عليه المستوطنون الصينيون من عرقية الهان البوذية، وربما كان يتواجد به بعض التجار المسلمين من العرقية الأويغورية".
ولفت إلى أن: "نوعية الإنفجار جديدة على المنطقة، وربما تكون هذه أول عملية من نوعها من حيث الأسلوب والحجم لأن العمليات السابقة كانت دائما يستخدم فيها السكاكين فقط.
وأشار إلى أنه "بعد انفجار محطة قطارأرومتشي في 30 أبريل الماضي، أعلنت الصين إقليم تركستان الشرقية "منطقة إرهاب"، ثم حدثت بعدها بأيام هذه العملية الإرهابية مع أن مدينة أرومتشي تقع تحت المراقبة الكاملة بكاميرات يصل عددها لأكثر من 45 ألف كاميرا، ولايمكن لأي أحد التحرك دون مراقبة الكاميرات"، وهو ما دفعه للسؤال: كيف تمت هذه العملية دون أن تلاحظها كاميرات المراقبة؟
وتطرق "عزيزي" في حواره مع "الأمة" إلى بعد هام يلقي الضوء على ما يجري على الساحة الصينية الداخلية: "هناك آراء كثيرة تشير إلى أن العنف المستمرفي تركستان الشرقية بشكل خاص وفي الصين بشكل عام سببه الصراع على السلطة في داخل الهرم السياسي للدولة، خاصة بين أعضاء الحزب الشيوعية الصيني المركزي".
وأرجع أسباب ذلك إلى أن: "الصين عاقبت عدة أشخاص من أعضاء الحزب الشيوعي والأمن القومي أمثال "جويونكانغ" العضو البارز في الحزب، ومحاكمة "بوشيلاي" المديرالسابق في الأمن. وكذلك إقصاء الحاكم الفعلي لتركستان "وانغ ليشوان" قبل سنتين الذي كان مقربا لرئيس وزراء الصين الأسبق "ونجياباو" الذي سرب عنه معلومات بأن أسرته تملك مليارين وثمانمئة مليون دولار.
كما أشار إلى أنه: منذ انفجار أرومتشي بدأت الصين حملة اعتقالات واسعة ومحاصرة لمناطق الأويغور في العاصمة أرمتشي ومناطق تركستانية أخرى وكذلك فرض تعتيم كامل للأخبار وهناك نقاط تفتيش خاصة لتفتيش الأشخاص الذين قد يكونوا يحملون هواتف نقالة لمصادرتها ولمنع تداول الصور والمعلومات وتسريبها لوسائل الإعلام.
وأضاف: "ولإخفاء جرائمها، منعت الصين الصحفيين الأجانب المتواجدين في أرومتشي من الخروج أماكن إقامتهم"، وتسائل: لو كان العكس صحيحاً (أي المسلمين من قاموا بذلك) لماذا تمنع الصحافة من زيارة الموقع؟
وافترض جدلاً أن من قام بهذه العملية هم من المسلمين الأويغور؛ "فلا نستغرب من ذلك لأن سياسة الإضطهاد والقمع الصينية المتواصلة والمستمرة بكل أشكالها بما في ذلك حرمان المسلمين من كامل حقوقهم الإنسانية هى المسئولة عن أي ردود فعل عليها".
وأشار إلى أن الصين تتعمد إذلال مسلمي تركستان وتقوم بالإعتداء على المسلمات ونزع ملابسهن أمام أزواجهن واحتجازهن في مراكزالتوقيف واغتصابهن "كما حدث الشهر الماضي بمدينة "خوتان"، حيث احتجزت السلطات الصينية ثلاثة نساء مسلمات بسبب ملابسهن التقليدية وهي أقرب إلى الحجاب الإسلامي وتم اغتصابهن من قبل العساكر الصينية".
وهذا بالإضافة إلى مسلسل القمع الصيني حيث "تقوم بمصادرة الأراضي وهدم البيوت على أصحابها دون سابق إنذار، ومنع المسلمين من أداء الصلوات في المساجد، بالإضافة لمنعهم من حرية التحرك والانتقال بين القرى والمدن إلا بعد أخذ تصريح رسمي بذلك"، وفقاً لـ"عزيزي".
وسرد الناشط التركستاني بعض من صور الانتهاكات والتي من بينها "عدم إصدار جوازات سفر لمن يريد الحج أو العمرة أو الدراسة بالجامعات الإسلامية"، وهذا في سياق سياسة الصين لمنع التعليم الإسلامي، وإلغاء اللغة القومية للأويغور، وفرض اللغة الصينية، و"كل هذه الإجراءات الظالمة بلا شك تولد لدى الناس مشاعر غضب وتدفعهم للأخذ بالثأر".
من جهةٍ أخرى، نجد أن رد الفعل الصيني على مثل هذه العمليات الإرهابية ـ إن صح أنها من قبل مسلمين ـ يتجاوز حجمها الطبيعي. فلو قارنا مثلاً إنفجار "أرومتشي" الأخير بالانفجارات اليومية في دول أخرى مثل العراق، فلا وجه للمقارنة، ومع ذلك فقد حركت السلطات الصينية قوات الجيش المجهزة بالأسلحة الثقيلة وأسطول كامل من الدبابات والمدرعات وعشرات الآلاف من الجنود المدججين من مناطق مجاورة إلى تركستان الشرقية وانتشرت في شوراع أرمتشي وكأنها في حالة حرب مع جيش دولة معادية لها. بحسب كلام الناشط التركستاني.
ويبدو أن الأجواء الآن في تركستان الشرقية تشبه أجواء حرب حقيقة أو بداية لحرب أهلية، هكذا هم يريدون دفع الأمور، فقد "وزعت السلطات الصينية بالأمس فقط منشورات على أهالي أرومتشي من المسلمين الأويغور، طالبتهم فيها بالبقاء في بيوتهم وحذرتهم من الذهاب إلى أعمالهم"، وذلك خشية حدوث صدام بينهم وبين المستوطنين الصينين من عرقية الهان البوذية نظراً لتنظيمهم مظاهرات ضد العنف و"الإرهاب"، والمقصود هم المسلمين الأويغور بذلك.
ويعلق على ذلك الناشط "عبد العزيز عزيزي"، بأن هذا المنشور مثير للسخرية والعجب، لأن الصين تمنع المظاهرات أياً كانت، ولو تظاهر المسلمون الأويغور لكان مصيرهم هو الإبادة الجماعية المباشر. ولكن أن تقوم الصين بنفسها بتنظيم مظاهرات فلا مشكلة في ذلك كما يحدث أحياناً ضد الولايات المتحدة واليابان وبترتيب حكومي.
وكذلك يسمح للمظاهرات إذا كانت من قبل المستوطنين الهان كما حدث في أرومتشي في 8 يوليو 2009م، حيث تظاهر آلاف المستوطنين الصينيين فيما يشبه استعراضاً للقوة، ولتحذير المسلمين الأويغور بأنه في إمكانهم بدء حرب أهلية عنصرية ضدهم باعتبارهم أكثر منهم هكذا أرداوا إطهار أنفسهم.
من جهةٍ أخرى، يقوم الإعلام الصيني بدور المحرض ضد المسلمين وضد عقيدتهم. فلقد نشرت في الفترة الأخيرة مقالات عديدة في المواقع الصينية الموالية لحكومة البلاد الشيوعية، حول أسباب العنف المتصاعدة في تركستان الشرقية ضد السلطات، وخلاصتها ادعائها بأن الإسلام هو المحرض والمحرك الأساسي للعنف ولذا علينا القضاء على الإسلام حتى نقضي على الإرهاب من جذوره، هكذا قالت تلك الصحف الصينية.
فمفهوم التطرف لدى الصين هو التدين عندنا نحن المسلمين، ولذلك فالصين تحاول القضاء على إسلامنا، حتى يسهل القضاء على الأويغور المسلمين كقومية منفصلة لها هوية متميزة ولغة خاصة بها غير الصينية.
المصدر : موقع جريدة الأمة

http://www.al-omah.com/newsDetail.aspx?NewsID=51189

0 التعليقات:

إرسال تعليق